هل أصبح لبنان مسرحًا لخطاب الكراهية في ظل الحرب على فلسطين ؟

image
صورة تعبيرية
2023-10-17

كتبت :ناهلة سلامة

مع بداية العملية العسكرية الواسعة ضد العدو الاسرائيلي والتي حملت اسم طوفان الأقصى، والإبادة الجماعية التي قام بها العدو ضد المدنيين في قطاع غزة ، بدأت حملة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي  في لبنان تدعو للحياد في القضية الفلسطينية منذ تاريخ 9 تشرين الأول 2023 ، رافقها حملة من مواطنين لبنانيين ضد مواطنين لبنانيين آخرين بحجة الاختلاف السياسي وتضامنهم مع القضية الفلسطينية يدعون فيه عدم استقبال أي مواطن لبناني هارب من مناطق النزاع أي الجنوب اللبناني في حال حصل أي اعتداء إسرائيلي،  يشكل هذا الخطاب رفض للحرب التي قد يدخل بها لبنان والحياد في الحرب الفلسطينية مع العدو الإسرائيلي، كما يشكل حرب نفسية على المواطنين الخائفين من الحرب، واللافت إن حجم التفاعل وصل إلى أكثر من مئة ألف شخص في بعض المنشورات، بين مؤيد ومعارض حسبما تظهر الروابط والصور المرفقة في هذا المقال .

حياد أم كراهية  

"أنا لبنانية قضيتي الأولى لبنان مش فلسطين هنا ، "بيتي مش مفتوح لحدا لأنه الأسى ما بينتسى"، "ما لازم حدا يستقبلن"، "لا ولاء على أرض لبنان إلا للبنان، ومن يصر على الولاء للخارج فليذهب إلى الخارج" "كونوا أكيدين، هل مناطقنا مش مفتوحة إلكم .. وبيوتنا مقفلة، لا أهلا ولا سهلا"، وهناك من دعا لاخلاء المخيمات الفلسطينية" وذلك كجزء من خطة لتحسين الأوضاع في لبنان.

ما هي عواقب انتشار هذه الخطابات؟

لا شك إن الصراع العربي الإسرائيلي ليس مستجدًا، ولبنان تحديدًا عانى منذ العام 1982 من الإحتلال الإسرائيلي، صراعات وحروب متكررة والتي كان آخرها عام 2006، لكن القضية الفلسطينية لطالما شكلت نقطة خلاف بين الأطراف السياسية في لبنان وجمهورهم ويظهر هذا الخلاف بشكل متكرر عند أي معركة أو أحداث قد يتدخل فيها لبنان لحماية أراضيه من الإعتداء الصهيوني، لكن الخطاب هذه المرة جاء مختلفًا عندما قرر البعض التحريض على عدم إستقبال الأهالي اللبنانيون من الجنوب، فهل الوطن لم يعد يتسع لأبنائه؟، خطورة ما يتداوله بعض المغردين لا ينحصر فقط كونه رأي شخصي، بل قد يشكل حالة جماعية في عدة مناطق وقد تقفل الأبواب بشكل جديّ بوجه الهاربين من الحروب لحماية أبناءهم وعائلاتهم، وقد يتشكل خلف هذا التحريض تشرد الكثير من العائلات، عدم إتساع المدارس التي كانت تضم النازحين من المناطق البعيدة في حالات الحرب، وتعريض الناس للخطر في المناطق الغير آمنة، عدم وصول المساعدات ونقص الرعاية الصحية.

هل تحتمل الحرب أي حياد؟

يقول الفنان الفلسطيني الراحل ناجي العلي " أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر"، أي أن القضية الفلسطينية والحرب مع الكيان، عليها أن لا تكون وجهة نظر، فأي خطاب قد يظهر الآن سيشكل حجر عثرة في وجه المقاومة الفلسطينية وسيظهر كأنه داعم للإبادة الجماعية التي يقوم بها العدو الإسرائيلي، فغض الطرف كما أشار البعض في منشوراتهم، ورفض دعم القضية بحجة عدم تورط لبنان بالحرب بخطاب صريح وواضح " كلنا مع فلسطين_المحتلة وما حدا بدو إسرائيل بس شو خص لبنان؟ منتضامن ع طريقتنا في ناس مع السلام وناس مع الحرب بس كل اللبنانيين مع فلسطين" هذا الخطاب الذي لاقى تفاعلًا وتردد بين الكثير اللبنانيين، إضافة إلى عدم تسجيل أي موقف داعم للقضية الفلسطينية من قِبل وزير الخارجية اللبناني في الجامعة العربية،  سيعزل قطاع غزة سياسيًا ويدعم الموقف الغربي الداعم اساسًا للمشروع الصهيوني بتهجير الغزاويين وإحتلال غزة بشكل كامل وقيام مشروعها "إسرائيل الكبرى".

 

حقوق الإنسان في القانون الدولي 

"التصدي لخطاب الكراهية لا يعني تقييد أو حظر حرية التعبير. بل يعني منع تصعيد خطاب الكراهية من أن يتحول إلى شيء أكثر خطورة، لا سيما التحريض على التمييز والعداوة والعنف، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي ". — الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حزيران/يونيو 2019 .

خطة الرباط بشأن حظر الدعوة إلى الكراهية

تنص خطة الرباط التي أُقرت في الاجتماع الختامي الذي تمَّ عقده في الرباط في 4 و5 تشرين الأول/ أكتوبر 2012، بتحسين فهم الأنماط التشريعية والممارسات القضائية والسياسات في ما يتعلق بمفهوم التحريض على الكراهية القومية أو العرقية أو الدينية مع  اتأكيد على ضمان الاحترام الكامل لحرية التعبير على النحو المنصوص عليه في المادتين 19 و20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

 

ناهلة سلامة / صحفية مستقلة وناشطة حقوقية