شييك : حنان العلي 

يشهد لبنان تصاعدًا واضحًا في خطاب الكراهية والتحريض على العنف. يتضح ذلك من دعوات بعض الأفراد والجهات لعودة النازحين السوريين مع التنديد بتأثيرهم السلبي على الاقتصاد الوطني. تعكس هذه الدعوات تصاعد أزمة التشغيل وارتفاع أسعار الإيجارات وتدهور البنية التحتية وانتشار العنف غير المنظم. يُشار إلى أن هذا الخطاب لم يقتصر على المجال الرقمي فحسب، بل امتد ليشمل  بعض السياسيين والصحفيين والمؤثرين ، الذين يسعون لتحويل الانتباه بوجود عوامل خارجية لتجاهل المسؤوليات المحلية في تأمين الخدمات الإنسانية ومواجهة التحديات المتنامية في البلاد.

تصريحات عنصرية 

صرح المخرج اللبناني محمد الدايخ خلال استضافته في برنامج المجهول مع الإعلامي رودولف هلال الذي يعرض على قناة LBCI بتاريخ 3 حزيران 2023 بتوجيه إساءة إلى أحد ألوان الفن الغنائي السوري والتي تمثل ثقافة لبعض المناطق وذلك خلال رده على سؤال وجه له من مقدم البرنامج فأجاب " بتعرف مين اللي مفول ؟… الأغاني النورية اللي بعتولنا ياها السوريين .. اللي نحنا اساسا مش ستيلنا هالاغاني ومش مسمعنا " " هيدا عم يزيدك جهل" " عم تبعدك هيدي الأغاني عن الثقافة الحلوة" .

بالعودة  إلى تصريح الدايخ ، يُلاحَظ أن العبارات المستخدمة تتداخل في إطار يمكن تصنيفه على أنه عنصري ويعكس موقفًا سلبيًا تجاه الثقافة السورية. كما تحتوي تلك العبارات على مفردات تنم عن تمييز عنصري واستخفاف بالآخرين، مثل استخدام مصطلح "النورية"  " الجهل" إشارة إلى الهمجية والرجعية والتخلف. وتعكس هذه المفردات حالة من التشجيع على  استخدام الكراهية بين الناس . 

من الفن إلى الكراهية 

ليست المرة الأولى التي يعبر فيها الدايخ بطريقة عنصرية  فقد سبقها سخريته من اللهجة الشيعية في برنامجه النقدي الساخر " تعا قلو بيزعل " الذي يعرض على شاشة LBCI حيث تناول اللهجة الشيعية بمشهد ساخر بتاريخ 20 كانون الثاني 2023 خلال إحدى فقراته والتي أثارت نقد الكثيرين فالكل ابن بيئته ويعزز ثقافة البيئة التي يعيش فيها ، فإن تقديم مشهد ساخر حول لهجة الآخر يؤدي إلى تعزيز الكراهية وتفكك العلاقات الاجتماعية. فاللهجة، كاللغة، هي وسيلة للتواصل بين الأفراد، ومن غير المقبول تمييز البشر بسبب لغتهم أو لهجتهم والسخرية منها.

النقد البناء 

النقد الفني البنّاء يتضمن إبداء آراء بناءة وانتقادات ذات قيمة فنية، بهدف تحسين وتطوير الأعمال الفنية. بالمقابل، يُعتبر استخدام اللغة المعادية في النقد بوصفه استخدامًا سلبيًا، حيث يهدف إلى التشويه والإساءة بدلاً من تقديم آراء بناءة. كان يجب على المخرج محمد الدايخ  استخدام التعبير المهني و تجنب الانغماس في اللغة المعادية في النقد، وذلك لتعزيز التفاهم والنقاش البناء في المجال الفني.

حرية التعبير… لا تعني خطاب الكراهية

مما لا شك فيه أن الكثير منا  قد لا يستطيع الفصل بين خطاب الكراهية وحرية التعبير عن الرأي وبشكل مبسط يمكن القول أن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين أي لا تتجاوز حقوق الآخرين بحجة انك تعبر عن رأيك فهي بذلك تتحول إلى خطاب محرض قائم على التمييز والحقد والتعصب وهو ما تطلق عليه خطاب الكراهية .

خطة عمل رباط 

  تقترح خطة عمل الرباط  معايير صارمة لتحديد القيود على حرية التعبير والتحريض على الكراهية وتطبيق المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . وتحدد اختباراً من ستة أجزاء يأخذ في الاعتبار (1) السياق الاجتماعي والسياسي (2) وحالة المتحدث (3) والنية تحريض الجمهور ضد مجموعة مستهدفة (4) والمحتوى وشكل الخطاب (5) مدى نشر الخطاب (6) وأرجحية الضرر، بما في ذلك الوشوك المحدق .