لبنان

شييك : حنان  العلي 

أعادت حادثة "كوع الكحالة" بتاريخ 9 أغسطس 2023 في لبنان، عقارب الساعة إلى الوراء إلى زمن الحرب الأهلية، ولكن هذه المرة ميدانها الفضاء الافتراضي ووقودها الحملات الافتراضية العنصرية وانقسام البلد الواحد، كنموذج مؤلم يجسّد تأثير اللغة المسيئة والتحريضية على التواصل والتفاعل بين الأفراد. يجعل من الضروري أن نستعرض بعمق دور اللغة والتواصل في تشكيل وجدان المجتمع ومستقبله.

من خلال الحادثة، قام فريق "شييك" برصد ردود الفعل وتتبع هذه الظاهرة عبر تحليل مشاركات مواقع التواصل الاجتماعي و توثيق تفاصيلها مكافحةً لخطاب الكراهية.

عنف افتراضي 

تصدر " تويتر" أو ما يعرف حاليا بتطبيق "x"  وسم  " الكحالة " " السبت الأسود " "عين الرمانة "     انطوى تحتها العديد من التغريدات التي تحمل رسائل تمثل مشاعر الكراهية والعنصرية  فضلا عن استخدام تعابير ومفردات عنصرية كانت هي السمة الأبرز والقاسم المشترك بين المغردين ، مثل  "  بعد ما اكتفيت بالوصف الكن يا يهود الكحالة " ،" المفطوس "، " تبين أن الكحالة فيها خنازير مش ابطال "  ، " تحت أحذية كل شيعي" ، " الفطيس لي انقتل " ، " اشباه الرجال" ، " ما بتفرقوا عن الدواعش " ، " موتوا بغيضكم " ،" كلاب وخنازير وصهاينة الداخل " ،" شهدائنا بالجنة وقتلاكم بالنار "، " تعلم على رقبتكم بنص مناطقكم" ،" كل حجر انرمى على هيدي الشاحنة هو حجر مقدس وبيشبه الحجار يلي بيرموها المسلمين على إبليس بالحج " ، " لا دم أغلى من دمنا " ، " يا بلا أخلاق يا عديمي الانسانيه وفاقدي الوطنية ".

عندما يتم اللجوء إلى استخدام  مثل هذه المفردات والتعبيرات في سياقات مخاطبة الكراهية، تتحول اللغة من أداة للتواصل إلى سلاح مدمر يهدف إلى زرع بذور التفرقة والعداء. ويُستغل قوة الكلمة في هذه الحالات لنشر رسائل سامة مليئة بالعنصرية والتحامل، مما يشكل تهديدًا للتعايش والسلام المجتمعي.

بعد حادثة "كوع الكحالة"، تابع فريق "شييك" حسابات مختلفة تفاعلت وغردت بكراهية تحمل محتوى عنصري  قد يسهم في تصاعد أو تأجيج العنف  . وتمكن الفريق من كشف الحسابات التي استمرت بنشر التغريدات  من تاريخ 9 أغسطس 2023 لغاية 11 أغسطس 2023  بطريقة مسيئة وعنصرية، وتم توثيق الأنماط المشتركة بين تلك التغريدات.. هنا هنا  هنا  هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا  هنا هنا    هنا

الحض على العنف

تحمل بعض التغريدات التي رصدها فريق شييك دعوات للتسلح وترويج للعنف، مصحوبة باستخدام لغة عنيفة مثل "كلنا سنتسلح" ، و"تشريع الفوضى" ، و"لم نعد ننتظر أحزاب لتسليحنا"،  و"بتقوصوا منقوص"،  و"بتقتلوا واحد منقتل الف"،  و"بتسكروا الطريق منسكر البلد"،  و"بدنا نربيكن يا كلاب"، و"جاهزون إلى أي تصعيد"، و"سوف نحرق الكحالة ومن عليها". تلك الكلمات تستهدف زرع البغض وتحريض على العنف ضد فئة معينة، مما يُعزز من التوترات تضر بالسلم المجتمعي. هنا هنا هنا  هنا  هنا

الإعلام في فخ الفتن 

تعاملت بعض وسائل الإعلام اللبنانية مع حادثة "كوع الكحالة" بطريقة تجذب الانتباه إلى العنوان، مستندة إلى التحريض ضد الأطراف المعنية. مثل "كل شاحنة مشودرة مشبوهة إلى أن يثبت العكس" و"أيهما أفظع نقل الحقيقة أم نقل الأسلحة" و " حادث الكحالة : خبث الهزائم المتلاحقة" مما يعكس طريقة معالجة الحادثة بطريقة مستفزة. هنا  هنا هنا هنا 

كما تضمن تشكيكاً في رموز دينية ذات قدسية لدى مذاهب معينة، واستهزاءً بها، وهو تصرف يتعارض مع دور الصحافة والإعلام في تهذيب المصطلحات والتعامل بموضوعية.إذ تثير مثل هذه الطرق التحريضية حالة من التوتر والفتنة عندما تصل هذه الخطابات إلى الجمهور العام، حيث تتحول من مجرد كلمات إلى أعمال عنف فعلية.

وأد الفتنة 

 غرد بعض مستخدمي " X " ضد الحرب الافتراضية والمطالبة بـ التعقل والابتعاد عن لغة العنف والتخوين والعودة إلى الرشد والتمسك بالقيم المجتمعية ومبادئ العيش المشترك بعيدا عن الكراهية  والحقن الطائفي والتجييش السياسي هنا هنا هنا  

بيان الجيش 

أصدر الجيش اللبناني بياناً بتاريخ 9 أغسطس 2023 جاء فيه لدى انقلاب شاحنة تحمل ذخائر على طريق عام الكحالة، حصل إشكال بين مرافقي الشاحنة والأهالي ما أدى إلى سقوط قتيلين. وقد حضرت قوة من الجيش إلى المكان وعملت على تطويق الإشكال، وتم نقل حمولة الشاحنة إلى أحد المراكز العسكرية، وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص.

 القانون الدولي 

تنص المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على حق كل فرد في حرية الفكر والتعبير إلا أن بعض الدول تصدر قوانين تفيد أو تحظر بعض أنواع التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي مثل الخطابات التي تشجع على الكراهية والعنف .

نصت المادة 20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أن " تحظر بالقانون اي دعوة إلى الكراهية القومية او العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز او العداوة أو العنف " .

خطة عمل رباط 

  تقترح خطة عمل الرباط  معايير صارمة لتحديد القيود على حرية التعبير والتحريض على الكراهية وتطبيق المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . وتحدد اختباراً من ستة أجزاء يأخذ في الاعتبار (1) السياق الاجتماعي والسياسي (2) وحالة المتحدث (3) والنية تحريض الجمهور ضد مجموعة مستهدفة (4) والمحتوى وشكل الخطاب (5) مدى نشر الخطاب (6) وأرجحية الضرر، بما في ذلك الوشوك المحدق .

انتهاك مدونة السلوك على x

  ينص التطبيق من خلال مدونة السلوك الباعث على الكراهية :"لا يجوز لك الحث على العنف ضد آخرين أو تهديدهم أو مهاجمتهم بشكل مباشر على أساس العرق أو الأصل أو النشأة القومية أو الطائفة الاجتماعية أو التوجه الجنسي أو الجنس أو الهوية الجنسية أو الانتماء الديني أو العمر أو الإعاقة أو الأمراض الخطيرة. كما لا نسمح أيضًا بالحسابات التي هدفها الأساسي هو التحريض على الإيذاء تجاه الآخرين على أساس الفئات المذكورة أعلاه".

وتنص المدونة  ايضا أنه لا يجوز لك استخدام صور أو رموز تحضّ على الكراهية سواء في صورة الملف الشخصيّ أو صورة رأس صفحة. كما لا يجوز لك استخدام اسم المستخدم أو اسم العرض أو النبذة التعريفيّة للملف الشخصي لديك للانخراط في سلوك مسيء، مثل مضايقة أشخاص بعينهم، أو التعبير عن الكراهية تجاه شخص ما أو مجموعة من الأشخاص أو مجموعة محمية.

أنجز هذا المقال بإشراف منصة شييك ، ضمن مشروع "شييك بالعربي " بتمويل من مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية Mepi ومؤسسة world learning