شييك : ريما حسن
بسبب عدم معرفة بعض الناس فيما يتعلق بمفهوم وشروط الأهلية القانونية المنصوص عليها في القوانين الأردنية فقد يفترض البعض أن الإعاقة قد تكون احياناً سبباً في سقوط الأهلية القانونية عن الشخص ذوي الإعاقة وبالتالي سقوط الكثير من حقوقه التي يفترض أن تحفظها له انسانيته من جهة والقوانين والاتفاقيات الدولية من جهة أخرى.
فهل يحق للوالدين من ذوي الإعاقة الحصول على حق حضانة الأطفال؟
غالبا فإن هذا الاستنتاج أو الفهم الخاطئ قد يعتمد عادة على الصور النمطية السائدة في المجتمع تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة. وقد يظهر الفهم الخاطئ للأهلية القانونية في سياق حضانة الأطفال والتقاضي أمام المحكمة بشأن رعاية الأطفال. فعلى الرغم من أن الحق في الحصول على حضانة الأطفال يعتبر بشكل عام حق أساسي لجميع أفراد المجتمع إلا أنه يوجد افتراض سائد بأن الأشخاص ذوي الإعاقة لا يملكون حق الأهلية القانونية في الحصول على الحضانة. وذلك لميل بعض أفراد المجتمع إلى رؤية الأشخاص ذوي الإعاقة على أنهم عاجزون ومحتاجون ومحدودو القدرة على توفير احتياجات الطفل ورعايته.
أهلية الأشخاص ذوي الإعاقة
والأهلية القانونية تعني حق الإنسان بالاعتراف بأهليته قانونياً بممارسة حقوقه وتنفيذ التزاماته التي تكفل له الممارسات الحياتية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كاملة دون اي اسقاط مهما كانت أسبابه ما دام متمتعا بقواه العقلية وقادرا على اتخاذ القرارات الصائبة كما ورد في قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 15 لسنة 2019 في الفقرة الأولى من المادة 203 والتي تنص على: "كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية".
وأكدت الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على الاعتراف بأهلية الأشخاص ذوي الإعاقة دون تمييز أمام القانون في الفقرة الثانية المادة 12 والتي تنص على "أنه تقر الدول الأطراف بتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بأهلية قانونية على قدم المساواة مع آخرين في جميع مناحي الحياة".
ولأن الأردن كان من أوائل الدول التي صادقت على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2008 فقد حرصت على تغطية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام من خلال قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (٢٠) لسنة ٢٠١٧ والذي يهدف إلى حظر التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة وكفالة لهم حقوقهم بموجب دستور المملكة الأردنية الهاشمية، فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 4 من القانون على "عدم التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة على أساس الإعاقة أو بسببها".. وتنص الفقرة الثانية من المادة 5 من نفس القانون على أن "لا تحول الإعاقة بذاتها دون اعتبار الشخص لائقاً صحياً للعمل والتعلم والتأهيل وممارسة جميع الحقوق والحريات المقررة، بمقتضى احكام هذا القانون أو أي تشريع آخر متى كان مستوفيا للشروط اللازمة". ويعني ذلك انه لا يمكن أن تقف الاعاقة مهما كان شكلها عائقاً أمام هذه الحقوق والحريات إذا لم تكن تتعارض مع تحقيق الغايات القائمة عليها.
الحقوق الوالدية
بموجب الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة فإن للآباء ذوي الإعاقة الحق في التمتع بنفس الحقوق الأبوية التي يتمتع بها الأشخاص من غير ذوي الإعاقة والتي كفلت لهم عدم التمييز في المسائل ذات الصلة بالزواج والأسرة والوالدية والعلاقات، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 23 "تكفل الدول الأطراف حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ومسؤولياتهم فيما يتعلق بالقوامة على الأطفال أو كفالتهم أو الوصاية عليهم أو تبنيهم أو أية أعراف مماثلة، حيثما ترد هذه المفاهيم في التشريعات الوطنية، وفي جميع الحالات ترجح مصالح الطفل الفُضلى.
وتقدم الدول الأطراف المساعدات المناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة لتمكينهم من الاضطلاع بمسؤولياتهم في تنشئة الأطفال. وتنص المادة ا4 من نفس المادة على أنه "تكفل الدول الأطراف عدم فصل أي طفل عن أبويه رغما عنهما، إلا إذا قررت سلطات مختصة، رهنا بمراجعة قضائية، ووفقا للقوانين والإجراءات الوطنية السارية عموما، أن هذا الفصل ضروري لمصلحة الطفل الفُضلى. ولا يجوز بحال من الأحوال أن يُفصل الطفل عن أبويه بسبب إعاقة للطفل أو أحد الأبوين أو كليهما".
حق الحضانة
بالعودة لقانون الأحوال الشخصية الأردني نجده أنه شدد على وضع مصالح الطفل الفضلى في المقام الأول في المسائل المتعلقة بقوانين الحضانة. تنص الفقرة أ من المادة 171 "يشترط في مستحق الحضانة أن يكون بالغاً عاقلاً سليماً من الأمراض المعدية الخطيرة أميناً على المحضون قادراً على تربيته وصيانته ديناً وخلقاً وصحة، وألا يضيع المحضون عنده لانشغاله عنه وألا يسكنه في بيت مبغضيه أو من يؤذيه وألا يكون مرتداً".
من جانبها أوضحت المحامية علا عبد اللطيف ل "شييك" : أنه لا يوجد في الأردن قانون منفصل بشكل مباشر يتطرق لهذه النقطة بمعنى أخر قانون الأحوال الشخصية لم يتطرق لنقطة أنه إذا كان طالب الحضانة (الحاضن) سواء كان الأب أو الأم من ذوي الإعاقة ونصت المادة 171 المادة 172 من قانون الأحوال الشخصية على وضع أسس لطالب الحضانة وأن تتوفر فيه شروط الأهلية للحضانة حيث تضمنت بحسب نص المادة مستحق الحضانة أن يكون بالغاً عاقلاً سليماً من الأمراض المعدية الخطيرة أميناً على المحضون قادراً على تربيته وصيانته ديناً وخلقاً وصحة، وأن لا يضيع المحضون عنده لانشغاله عنه وأن لا يسكنه في بيت مبغضيه أو من يؤذيه وأن لا يكون مرتداً.
وأضافت عبد اللطيف في حال لم تتوفر هذه الشروط في طالب الحضانة سواءا كان يعاني من إعاقة أم لا، يحرم من الحضانة بحسب نص القانون .
وأكدت أن القانون لا يحرم ذوي الإعاقة من حقه في الحضانة إلا في حال كان غير قادرصحيا أو فقد عقله كليا كالمجنون والمعتوه او إذا كان يحمل أمراض معدية وإذا كان الطفل غير آمن لديه ولم يتسوفي الشروط جميعها التي حددها القانون .
وتؤكد أنه في بعض الحالات تؤخذ في عين الاعتبار درجة الإعاقة وأن يكون طالب الحضانة مستوفي الشروط ضمن نص القانون ومن ضمن الاعتبارات التي تراعى من قبل المحكمة والقاضي أن يكون هناك من يرعى الطفل في بيت طالب الحضانة من الأشخاص ذوي الإعاقة قياسا على المرأة العاملة أو اتخاذ اعتبار ترتيب الحضانة بالقانون مثل انتقال حق الحضانة إلى أم الأم في حال سقط حق الأم بالحضانة مثلا .
وتضيف أنه يؤخذ بعين الاعتبار ايضا المصلحة الفضلى للطفل التي ترك تقديرها للقاضي بما يوفر مصلحة للطفل كما نص عليها قانون حقوق الطفل ايضاً وتم تفعيل بعض الإجراءات السريعة في المحكمة التي تضمن الحفاظ على مصلحة المحضون مثل توسيع نطاق صلاحيات المدعي العام الشرعي باتخاذ تدابير وقائية عاجلة وقرارات متعلقة بمصلحة المحضون لما يكون فيه مصلحة الصغار وبما ينص عليه القانون .
إذاً، لا يحرم الوالدين من الأشخاص ذوي الإعاقة من حقهم في الحضانة كما ينص عليها قانون الأحوال الشخصية الأردني ويعاملون حسب نص القانون دون تمييز .