شييك: حنان العلي
على وقع الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان واستهدافها للقرى الحدودية الجنوبية ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد 28/1/2024 في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي وألقى عظة في أحد الأبرار والصديقين وبعد الإنجيل المقدس المقدس ألقى البطريرك الراعي عظة جاء فيها : " اسمحوا لي اقولها بالفم الملآن - ليس تخليًّا عن القضايا الوطنيّة ولا العربية ، بل انطلقًا من صدقي مع ذاتي - أرفض أن أكون وأفراد أسرتي رهائن ودروع بشريّة وكبش محرقة لسياسات لبنانية فاشلة، و لثقافة الموت التي لم تجّر على بلادنا سوى الإنتصارات الوهميّة والهزائم المخزية".
حملات كراهية متضاربة
كلمة البطريرك أحدثت موجة من الانقسام بين اللبنانيين عبر منصات التواصل الاجتماعي وتصدرت حملة من الكراهية منصة إكس فغرد الكثير من المعارضين والمؤيدين لكلمة غبطته تحت وسم #راعي العملاء #الانتصارات الوهمية #البطريرك الراعي #مع بكركي
واستخدم عبارات تحمل الكثير من الكراهية والازدراء بين النشطاء ، مما يُفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية التي يعاني منها البلد. ويُعدّ خطاب البطريرك أحد العوامل المُؤثّرة التي ساهمت في تأجيج هذه المشاعر.وتحوّلت لغة الحوار بين المواطنين من نقاشٍ سياسيٍ إلى ساحةٍ للتخوين والتهديد والعنف.
عنصرية وكراهية
رصدت معدة التقرير عينة عشوائية في الفترة ما بين 28-29 كانون الثاني 2024 وبلغ عددها 35 تغريدة وتضمنت العينة التغريدات التي تحمل عبارات تمثل كراهية مثل : " رأس الصرح الشيطاني ، راعي العملاء ، راعي الفتن ، متصهينين وعملاء ، راعي الفتن والعظات الوهمية ، العمالة بدمو شو منعملو ، ثقافتنا هي اما النصر او الشهادة أما ثقافتهم الخضوع والاستسلام ، راعي النذالة والعمالة ، ثقافتنا عز وكرامة وثقافتكم ذل للأمريكاني، سم الأفاعي من الراعي، الراعي مكانه السجن أو النفي ، بتهينوا بطركنا مندعس عليكم ومنمشي، بتهينوا مقدساتنا وقديسينا ورموزنا الدينية ما راح نسكت ورح نهين رموزتكن ومقدساتكن، لي ما عجبه كلام البطريرك الراعي الحيطان كثيرة" .
لم تقتصر موجة الكراهية بين النشطاء على تبادل العنصرية والازدراء، بل تجاوزت ذلك لتصل إلى حد التخوين والاعتداء على الرموز الدينية والمقدسات لكل من الطرفين.هنا هنا هنا هنا هنا
مواقف سياسية ودينية
أثار خطاب البطريرك الراعي جدلاً واسعًا بين السياسيين ورجال الدين في لبنان. فقد استنكر بعضهم كلامه واعتبروه مُسيئًا لفئة معينة من المجتمع، بينما عبر آخرون عن تضامنهم معه واعتبروا الحملة ضده مُمنهجةً ومستهدفةً.
معدة التقرير رصدت عينة من ردود فعل بعض السياسيين ورجال الدين على خطاب البطريرك عبر منصاتهم الشخصية .
غرد النائب السابق نجاح واكيم عبر صفحته على إكس " قال البطرك الراعي أن انتصارات (المقاومة ) وهمية بيناتنا لو كانت وهمية انت كنت زعلت ؟ اكيد لا . عيب يا صاحب الغبطة الاستهانة بإنجازات المقاومة وتضحياتها ودماء مجاهديها. والله عيب ".
بدوره تضامن فؤاد مخزومي: " كل التضامن مع البطريرك الراعي الذي يتعرض لحملة تخوين ممنهجة ومعروفة الأهداف نرفضها رفضا مطلقا فغبطة البطريرك الراعي كان وسيبقى رمزا للعيش المشترك وركنا أساسيا من أركان السلم الأهلي والحفاظ على لبنان وسيادته وثوابته الوطنية " .
المفتش العام المساعد لدار الفتوى في الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن مرعب " من لا قيمة عنده للدماء الزكية التي ارتقت على طريق القدس ودفاعاً عن لبنان في وجه العدو الاسرائيلي لا قيمة له عندنا كائناً من كان ".
وغرد الدكتور علي جابر الأستاذ في الجامعة اللبنانية قسم الفلسفة " بكل أدب الإسلام نقول: ثقافتنا ثقافة الحياة العزيزة لا الموت ، انتصاراتنا حقيقية وليست وهمية ،وأهلنا في القرى الحدودية كلهم سواسية.
فيما أدان النائب نعمة افرام والنائب ميشيل معوض والنائب راجي السعد الحملة الشرسة ضد البطريرك الراعي على منصات التواصل الإجتماعي ، فيما عبروا أن كلمة البطرك تمثل صرخة حقيقية من عائلة من الجنوب اللبناني وأن هذا الهجوم لا يخدم العيش المشترك ولا وحدة اللبنانيين .
الاختلاف لا يعني أعداء
يُعدّ الاختلاف في الآراء السياسية ظاهرة طبيعية.فوجود آراء متنوعة يُثري النقاش ويُساهم في الوصول إلى حلولٍ أفضل للمشكلات. ولكن، يجب ألا يُؤدّي هذا الاختلاف إلى العداء أو تبادل الاتهامات والشتائم.
إنّ تبادل الاتهامات والشتائم، ووصم بيئة أو طائفة معينة بعبارات نابية وعنصرية، يُعبّر عن حقد وكرهٍ يُهدّد العيش المشترك. كما أنّ استخدام عبارات مثل "ثقافة الموت" و"الانتصارات الوهمية" يُؤدّي إلى تفاقم الانقسامات بين مختلف فئات المجتمع.
لذلك، يجب على جميع اللبنانيين احترام اختلافاتهم السياسية، والتعامل مع بعضهم البعض بِاحترامٍ وتسامحٍ. فالعيش المشترك هو مسؤولية الجميع، ويجب العمل على تعزيزه من خلال الحوار البنّاء والاحترام المتبادل.
التداعيات والأثر السلبي
كان خطاب البطريرك الراعي بمثابة شرارةٍ في كومة قشٍّ. فما إن نُطق به حتى انتشرت خطابات الكراهية والانقسام في كل مكان. وتحوّل الفضاء الواقعي والافتراضي إلى ساحةٍ للمعارك الكلامية، حيث تبادل اللبنانيون الاتهامات والشتم والإهانات.
وبدا واضحًا أنّ ثقافة تقبل الآخر غائبةٌ عن المجتمع اللبناني. فبدلاً من الحوار والتسامح، اختار اللبنانيون طريق العداء والانقسام.
وهذا الأمر يُهدّد التماسك والوحدة المجتمعية، ويُؤدّي إلى مزيد من الانقسامات. لذلك، يجب على جميع اللبنانيين العمل على تعزيز ثقافة الحوار والتسامح، ونبذ خطابات الكراهية والانقسام.
تعميم ثقافة الحوار
التصدي لخطاب الكراهية أهمية كبيرة بتعميم ثقافة الحوار وزيادة الوعي وبث قيم حقوق الإنسان واحترام الآخر المختلف فضلا عن تطبيق الإطار القانوني بحق والأفراد الذين يتخذون الكراهية أداة لتحقيق الأهداف السياسية مما يضمن حريات التعبير وكذلك يضمن تعميم السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي.
خطة عمل الرباط
تقترح خطة عمل الرباط معايير صارمة لتحديد القيود على حرية التعبير والتحريض على الكراهية وتطبيق المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . وتحدد اختباراً من ستة أجزاء يأخذ في الاعتبار (1) السياق الاجتماعي والسياسي (2) وحالة المتحدث (3) والنية تحريض الجمهور ضد مجموعة مستهدفة (4) والمحتوى وشكل الخطاب (5) مدى نشر الخطاب (6) وأرجحية الضرر، بما في ذلك الوشوك المحدق .