"كراهية أم تحريض " موجه ضد السوريين في لبنان

image
صورة تعبيرية
خطاب كراهية سياسة 2024-05-03


شييك : ناهلة سلامة


لا تزال قضية اللجوء السوري تتصدر خطابات السياسيين والمسؤولين في لبنان، فمنذ جريمة اغتيال باسكال سليمان منسق حزب القوات اللبنانية تزايدت المطالبة بعودة النازحين إلى سوريا دون طرح حلول حقيقية، إنما رمي اتهامات وخطابات محرضة لتأجيج الشارع وزيادة العنف ضد اللاجئين السوريين.


في هذا التقرير ترصد " شييك" الخطابات الأكثر انتشارًا في  الفضاء الرقمي اللبناني والتي  قد تُعدّ دعوة صريحة للكراهية ضد السوريين.


تلفون النسوان 


انتشر مقطع فيديو مجتزأ من حوار رئيس بلدية الدكوانة المحامي أنطوان شختورة هنا  جاء فيه “كرئيس بلدية بده يعمل قبضاي متل ما عم نعمل ياخد تلفونات النسوان السوريين، الوراق ما بتهمن، بتركض هي أول وحدة وبيلحقا جوزا، لأن في أشيا مش مظبوطة، في صور، في فيديوهات”. وفي قسم آخر في الفيديو المنتشر يصرح “ للي عمرن صار 14- 15 سنة ما بتعرفي اذا سوري أو لبناني، بيعرفوا أزقة الدكوانة أكتر مني إذا بدي أهرب من شي، بيلحقني وبيقتلني وانا ما بعرف بزاروب هون”. 




بالعودة إلى الحلقة الكاملة التي نشرتها قناة  AlSafaNews  بتاريخ 19 نيسان 2024 صرّح شختورة في حديثه في الدقيقة 17:15  أن يحذو رؤساء البلديات الآخرين حذوه بما يتعلق باللاجئين السوريين وقد استخدم عبارات جارحة للنساء “لأن في أشيا مش مزبوطة عالتلفونات” “ في صور، في فيديوهات” “إذا بدي أهرب من شي، بيلحقني وبيقتلني” 



فهل حقًا ورد أي قرار من وزارة الداخلية يطلب استدراج السوريين من خلال هواتف النساء؟



مؤيد ومعارض  

رصدت معدة التقرير انتشار الفيديو على منصة انستغرام ومنصة إكس وقد لاقى الفيديو تعليقات وردود أفعال على كلام أنطوان شختورة، وكانت قد  نشرت صفحة أخبار الساحة  بتاريخ 24 أبريل 2024 الفيديو  مرفق بتعلق “ لا يخجل رئيس بلدية #الدكوانة #أنطوان_شختورة من نفسه، لا بل يتباهى وينصح غيره بأن يسير على خطاه، وأن يسلبوا النساء السوريات هواتفهن، كونه الحل الأسرع لاستدراج السوريين/ات إلى البلدية”. هنا




وفي منشور آخر نشر حساب كتبت لارا حداد “#انطوان_شختورة ماقال بالفيديو القوات اللبنانية بس وشوشها ل ليا العونية وخبرها انن قوات لان جهاز أمن الدولة معن وبهددوا فيه

العالم بشرفكن خبروني العوني خلقة هيك هبلي أو بيشتروه؟ #حياة_العوني_كتير_صعبة”  هنا



 في المقابل نشرت الممثلة اللبنانية سهى قيقانو على صفحتها دعمًا لكلام أنطوان شختورة  “رئيس بلدية #الدكوانة #انطوان_شختورة... كفو الشختورة” هنا




دعارة ومخدرات 

في سياق حديثه، إستخدم انطوان شختورة كلمات “ دعارة،  ومخدرات حكمًا” في الدقيقة 18:44 وذلك عن السوريين غير الشرعيين في لبنان، موضحًا أن هذه الفئة من السوريين يجب استبعادها من لبنان.

كلام شختورة جاء ضمن سلسلة من خطابات التحريض ضد السوريين في الفترة الأخيرة، لكن ما ازداد في حديثه هو إشارته الى سمعة النساء وكرامتهن ومما يعزز خطورة هذا الخطاب على صورة النساء في المجتمع وسمعتهن.


واذا كانت الحجة اخراج السوريين الغير شرعيين من منطقة الدكوانة والمناطق الأخرى، فلماذا لم يتم طرح حلول آمنة وسليمة لتسوية أوضاعهم دون المساس بكرامتهم، بدل تكرار الكلام في الإعلام الذي سيؤدي حتمًا إلى مزيد من العنصرية والعنف؟ 

إن استخدام النساء وسمعتهن للتحريض والتشويه يتعارض مع الأخلاقيات العامة وينتهك حقوق الإنسان كما يعتبر هذا السلوك تعديًا على كرامة الإنسان، وأن استسهال التحريض على النساء يخالف القوانين الدولية التي ترفض التمييز ضد المرأة واتفاقية سيداو التي وقع عليها لبنان عام 1997 هنا  والاتفاقية التي وقع عليها لبنان لحماية اللاجئين من التعذيب والمعاملة اللا إنسانية والمهينة.




اتفاقية مناهضة التعذيب 


إنضم لبنان عام 2000 إلى اتفاقية  مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة قانون رقم 185 بتاريخ: 24/05/2000 والذي ينص في المادة 3 : "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أى شخص أو تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب. كما  تراعى السلطات المختصة لتحديد ما إذا كان هناك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية". 

كما ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 14 تحديدًا بأن كلِّ فرد حقُّ التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتُّع به خلاصًا من الاضطهاد.




حملات ضد اللاجئين   

شهد لبنان في الآونة الأخيرة حملات عدة ضد السوريين، وحملات تحريض تحث اللبنانيين على خطر تزايد اللجوء السوري ، وظهرت عدة صفحات خاصة بحملة لعودة السوريين لبلدهم وإعادة إعمارها كحملة

the Damage  UNDO، مترافقة بلوحات إعلانية على الطرقات.

 



وبتاريخ 25 نيسان 2024 انتشر فيديو بُث على شاشة الـ MTV اللبنانية عن خبر تقديم دعوى قضائية حول وجود اللاجئين السوريين في لبنان وخطر الانفجار في أي لحظة هنا 

وقد تضمن هذا الفيديو أرقامًا ومعلومات سكانية ومصرفية وغيرها.






تصريحات السياسيين


أخذ بعض السياسيين اللبنانيين على عاتقهم أخذ المبادرة وتحريك الملف السوري وإعطاء معلومات قد تكون مضللة فيما استخدم البعض عبارات تمثل تحريضا ضد اللاجئين السوريين. ونتج عن هذا التحريض قرارات بإجلائهم من العديد من المناطق، وزيادة التشديد والحصار من قِبل بعض البلديات.


في المؤتمر الذي عقده رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بتاريخ 19 نيسان 2024 هنا في معراب كان متركزًا حول اللجوء السوري وخطر الاستيطان في لبنان، وقد استخدم جعجع خلاله عدد من الكلمات التي تدل على التحريض مثل "منشان خمسين ليرة بيقتل إنسان" "كيف إذا منشان معاش وبارودة بيقتلوا الشعب اللبناني" بالدقيقة 20:39  هنا، كما دعا الشارع للتحرك "فإذا جميع الأطراف لم تقم بمهامها، ندعو المواطنين للقيام بها" بالدقيقة 44:48  هنا  




في المقابل إستخدم النائبجبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر على منصته “دقيقة مع جبران” بتاريخ 15 نيسان 2024  هنا بأن بعض العبارات التي تدل على الكراهية ضد السوريين “ خطر وجودي على لبنان” "نزع صفة نازح" "طرد كل سوري مخالف للقوانين".





وبتاريخ 26 نيسان 2024 وضعت يمنى الجميّل على منصة إكس منشور تسأل فيه: “كيف استبدلتم احتلال ٣٠ الف جندي سوري باحتلال مليونين نازح سوري يهددون فكرة وجود لبنان… لبنان سيبقى عصيّاً على الاحتلالات والوصايات والهيمنة” هنا


تقرير هيومن رايتس ووتش 

صدر بتاريخ 25 نيسان 2024 تقرير هيومن رايتس ووتش بعنوان تزايد القمع ضد السوريين هنا وقد جاء ضمن التقرير الانتهاكات التي تحصل في لبنان ضد اللاجئين السوريين، وقد أشاررمزي قيسباحث لبنان في هيومن رايتس ووتش في التقرير أن: الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والترحيل بحق السوريين الذين يواجهون خطر الاضطهاد المثبت إذا عادوا هي نقاط تمعن في تلطيخ سجل لبنان في التعامل مع اللاجئين". هنا


و يشير تقرير للأمم المتحدة إلى أن "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" على علم بـ"ترحيل 13,772 فردا من لبنان أو إرسالهم إلى الحدود السورية في حوالي 300 حادثة في عام 2023"، بما في ذلك 600 في يوم واحد في 8 نوفمبر/تشرين الثاني. 

 

ميثاق الشرف الإعلامي


إن بث هذه الخطابات المحرضة والمسيئة لحقوق الإنسان التي تبثها المنصات ووسائل الإعلام تعد مخالفة لميثاق الشرف الإعلامي والمعايير الأخلاقية في الإعلام، وعلى المؤسسات الإعلامية الالتزام بمسؤوليتها الأخلاقية والاجتماعية عند بث الخطابات والمقابلات والتخفيف من حدة خطابات الكراهية والتمييز ضد اللاجئين السوريين.

وتنص المادة 11 من ميثاق الشرف الإعلامي اللبناني العمل على ضبط إيقاع افتتاحيات الصحف ومقدمات نشرات الأخبار الإذاعية والتلفزيونية، وكذلك البرامج الحوارية للإعلام المرئي والمسموع بشكل يحترم مبادئ العمل الإعلامي وأصوله وعدم بث روح العنف والفتنة".


خلفيات الخطاب


لا شك أن التصويب المستمر على موضوع اللجوء السوري وتحميل اللاجئين الأزمات الاقتصادية والأمنية التي يمر فيها البلاد سينعكس سلبًا على العيش المشترك بين مختلف الجنسيات في لبنان، كما سيزيد من حدة الأزمة والتوتر بين اللبنانيين واللاجئين السوريين، وإهانة كرامة النساء السوريات واتهامهن بالدعارة يعد انتهاك أخلاقي خطير ويُعد نوع من التشهير والقدح والذم دون أي أدلة واضحة.

المطلوب اليوم دراسة ملفات اللاجئين السوريين بطريقة جدية والتعامل معهم بطريقة إنسانية تليق بحقوقهم الإنسانية ووجه لبنان الحضاري، والدعوة إلى  تطبيق القانون بشكل يحفظ أمن لبنان وكرامة الإنسان وتعزيز ثقافة التعايش السلمي واحترام حقوق الإنسان بين مختلف الجنسيات والمجتمعات.