"فوق الدكة شرطوطة" رسم كاركاتير يمثل خطاب كراهية تجاه السوريين

image
الرسم الكاريكاتيري نشرته صحيفة الجمهورية
خطاب كراهية سياسة 2024-05-17



شييك : حنان العلي


في الآونة الأخيرة، شهد لبنان تصاعدًا ملحوظًا في خطاب الكراهية تجاه النازحين السوريين. تزامن هذا التصاعد مع انتشار الكوليرا والجرب في مخيمات النازحين، إضافة إلى الحملة الأمنية التي استهدفتهم. هذه الأحداث أدت إلى تفاقم التوترات الاجتماعية وسلطت الضوء على التحديات التي يواجهها النازحون في لبنان.


جريدة الجمهورية 

نشرت جريدة الجمهورية اللبنانية على صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي منصة إكس وفيسبوك  وانستغرام  رسما كاريكاتوريا للرسام انطوان غانم بتاريخ 16 أيار 2024 يصور الكاريكاتير مخيم للنازحين السوريين حيث تبدو الخيم ومكتوب عليها UNHCR مع وجود عبارة فوق مشكلة مخيمات النزوح ، كوليرا وصغيرة وجرب اضافة الى رجل يحمل علم لبنان ويصرخ قائلا : فوق الدكة شرطوطا .




فوق الدكة شرطوطة

إن استُخدم المثل "فوق الدكة شرطوطة"ضمن خطاب عامّ يهدف إلى التعميم على اللاجئين وتصويرهم كعبء على المجتمع، فقد يُعتبر خطاب كراهية.

تمثل هذه العبارة بشكل ساخر للتعبير عن أن الأوضاع التي كانت سيئة بالفعل مع ازمة النازحين أصبحت أكثر سوءًا مع انتشار أمراض الكوليرا وصفيرة والجرب كما تشير إلى أن مشكلة النزوح السوري، بما تتضمنه من أزمات صحية واجتماعية، تزيد من ثقل الأعباء على لبنان واعتبار أن مشكلة ظهور الأمراض في مخيمات النازحين وكأنها إضافة جديدة (أو "شرطوطة") تزيد من تعقيد الوضع.

وتُستخدم اللغة والصور بشكل استراتيجي لجذب انتباه الجمهور وإقناعهم بفكرة ما أو الترويج لها ، فقد يلجأ بعض من يستخدم هذه الأفكار إلى استخدامها للتعبير عن الكراهية أو التمييز بشكل متعمد لجذب انتباه الجمهور وإثارة الجدل حول القضية التي يتحدث عنها ، وفي هذا المثال الذي تم استخدامه في صورة الكاريكاتير ويُلاحظ على أنه خلط بين حرية التعبير وبثّ الكراهية من خلال الفنّ.



انتشار الأمراض


كانت قد أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن إجتماع  موسع  بتاريخ 13 أيار 2024 في الصحة حرصًا على عدم تفاقم الأزمة الصحية في البقاع وقال وزير الصحة فراس الأبيض "إن هذا الإجتماع الذي يضم كافة الأفرقاء المعنيين بسلامة المياه هو صرخة للمانحين والمجتمع الدولي للوقوف أمام مسؤولياتهم في هكذا ظرف عصيب لا يحتمل أي إهمال أو سوء تقدير!" .

 وتعاني مخيمات النازحين السوريين في لبنان من ظروف صحية مزرية، حيث أدى نقص الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة والصرف الصحي إلى انتشار أمراض مثل الكوليرا والجرب. هذه الأمراض تشكل تهديدًا للصحة العامة .

وقد تضمنت العبارة التي استخدمت في رسم الكاريكاتير "فوق مشكلة النزوح السوري كوليرا و صفيرة وجرب" عدة عناصر قد تُعتبر خطاب كراهية وذلك لعدة أسباب

التعميم: تُشير العبارة إلى جميع اللاجئين السوريين على أنّهم مصابون بأمراض معدية،

التشويه: تربط العبارة اللاجئين السوريين بأمراض سلبية مثل الكوليرا والصفرية والجرب،

التجاهل: تُقلل العبارة من شأن اللاجئين السوريين وتُصورهم كعبء على المجتمع وتتجاهل المشكلة الرئيسية التي يعانون منها .





من السخرية إلى الكراهية

بالعودة إلى الكاركاتير التي نشرتها صحيفة الجمهورية تبين أنها  حملت رسالةً مبطّنةً سلبيّةً تجاه فئةٍ معيّنةٍ في المجتمع والتي  وُصِمت بأنها السبب الرئيسي لنقل الأمراض والأوضاع المعيشية ، إضافة إلى الحماية الدولية لهم على حساب أبناء البلد .

ويقوم مبدأ فن الكاريكاتير على النقد الساخر للظواهر المجتمعية والسياسية والاقتصادية كشكل للتعبير عن الرفض بطريقة فكاهية ساخرة كما يجعلها أكثر أثرا وتداولا بين الجمهور .

وتتحمل الوسيلة الإعلامية التي تنشر هذه المخالفات المهنية المسؤولية لأنها تبنت فكرة العمل الفني ضمن رسالتها الموجهة للجمهور، فمن واجبها تقييم العمل الفني "الكاريكاتوري" ، والتّأكد من مطابقته لمعايير مهنة الصحافة وأخلاقيّاتها، قبل قَبول النّشر.



تصاعد خطاب الكراهية

شهدت وسائل الإعلام المحلية ومنصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة تصاعدًا في خطاب الكراهية تجاه النازحين السوريين. تم تحميلهم مسؤولية تفشي الأمراض والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، مما أدى إلى تعزيز الصور النمطية السلبية وزيادة التمييز والعنف ضدهم . هذا الخطاب تجلى بشكل واضح في وسائل الإعلام المحلية وعلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث تم تحميل النازحين مسؤولية انتشار هذه الأمراض وتفاقم الأوضاع الصحية في البلاد. بدلاً من التركيز على تحسين الظروف الصحية وتقديم الدعم الطبي اللازم، استغل البعض هذه الأوضاع لتأجيج المخاوف والعداء ضد النازحين.خطاب الكراهية له تأثيرات سلبية كما يؤثر على النسيج الاجتماعي في لبنان، مما يزيد من الانقسامات ويعقد جهود التعايش السلمي بين المجتمعات المختلفة .




مواجهة الخطاب 

من الضروري مواجهة هذا الخطاب السلبي، وتعزيز الوعي حول أهمية التضامن والتعاون بين المجتمعات المضيفة والنازحين. كما يجب على الحكومة والمنظمات الإنسانية العمل على تحسين الظروف الصحية في المخيمات وتقديم الدعم الطبي اللازم، بالإضافة إلى تعزيز الحوار والتفاهم بين جميع الأطراف.


الميثاق الإعلامي 


يهدف ميثاق  الشرف الإعلامي إلى تعزيز المسؤولية الاجتماعية للإعلام، وضمان النزاهة والشفافية في نقل الأخبار والمعلومات، واحترام حقوق الأفراد والجماعات، وتجنب نشر خطاب الكراهية والتحريض على العنف. يتضمن الميثاق بنودًا تحث على احترام الحقيقة وتقديم المعلومات بموضوعية ودقة، كما يشدد على حماية الخصوصية واحترام الكرامة الإنسانية. يسعى ميثاق الشرف الإعلامي اللبناني إلى تعزيز الثقة بين وسائل الإعلام والجمهور، وإلى المساهمة في بناء مجتمع
مستنير ومتماسك قائم على الحوار والتفاهم.