فريق شييك
عقب بدء نفاذ نظام الموارد البشرية الجديد، ونظام الخدمة المدنية المعدل، وصدورهما في الجريدة الرسمية بتاريخ 1\7\2024 اثار جدل بين مختلف شرائح ومستويات الشارع الأردني حول مدى عدالة التوجه الجديد و جدواه في رفع إنتاجية الموظف الحكومي في الأردن خصوصا بعد ما تضمنه من منع مزاولة عمل آخر من قبل موظفي القطاع العام.
وتنص المادة رقم 67(ي) صفحة (37) من نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام لسنة 2024 والتي تحظر على الموظف تحت طائلة المسؤولية التأديبية العمل خارج أوقات الدوام الرسمي
فيما تضمنت المادة رقم 68 صفحة (37) مجموعة من العقوبات التأديبية تتدرج بين التنبيه والإنذار الخطي والحسم من الراتب و حجب الزيادة السنوية والاستغناء عن الخدمة وصولا الى ما يسمى العزل.
التعديل الجديد أمهل الموظفين الحاصلين على إذن بالعمل خارج أوقات الدوام الرسمية قبل نفاذ أحكام هذا النظام إنهاء ذلك العمل قبل نهاية العام فيما منع من يعين بعد إنقاذه من العمل.
فما دستورية منع الموظف الحكومي العمل خارج أوقات العمل الرسمي ؟
جدل واسع
تمحور الجدل حول مدى احقية الحكومة في منع الموظف من العمل خارج أوقات الدوام الرسمي وتهكم البعض على اعتبار أن العمل خارج أوقات الدوام الرسمي ليس ترفا بالنسبة للاردنيين في ظل ارتفاع نسبة البطالة خلال الربع الأول من العام 2024 الى 21.4% بحسب دائرة الإحصاءات العامة .
هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا
دستورية التعديلات
استند معدو هذا النظام إلى المادة رقم 120 من الدستور الأردني والتي تنص على أن "التقسيمات الإدارية في المملكة الأردنية الهاشمية وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها وأسمائها ومنهاج ادارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والاشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم تعين بأنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك".
وحول الحق في العمل نص الدستور الأردني في المادة رقم 23 على أن “العمل حق لجميع المواطنين وعلى الدولة أن توفره للأردنيين بتوجيه الاقتصاد الوطني والنهوض به".وتنص المادة أيضا في الفقرة 2 "تحمي الدولة العمل وتضع له تشريعاً يقوم على المبادئ الآتية:
أ. إعطاء العامل أجراً يتناسب مع كمية عمله وكيفيته.
ب. تحديد ساعات العمل الأسبوعية ومنح العمال أيام راحة أسبوعية وسنوية مع الأجر.
ج. تقرير تعويض خاص للعمال المعيلين، وفي أحوال التسريح والمرض والعجز والطوارئ الناشئة عن العمل.
د. تعيين الشروط الخاصة بعمل النساء والأحداث.
ه. خضوع المعامل للقواعد الصحية.
و. تنظيم نقابي حر ضمن حدود القانونإ
إعادة النظر
من جانبه قال النائب و نقيب المحامين السابق صالح العرموطي لـ شييك إن كل نظام الخدمة والموارد البشرية يتعارض مع الدستور ويخل بالمراكز القانونية ويلحق الضرر بالاقتصاد و يكبد اقتصاد الحكومة 60 مليون بسبب عودة الموظفين "الي ماخذين" اجازة بدون راتب وحرية الرأي والتعبير المصانة والتي نصت عليها العهود و المواثيق الدولية ما بصير يمنعوها .
لكن فيما يتعلق بالعمل قال العرموطي أنه يجب سحبه وإعادة النظر فيه لأنه هناك الكثير من النصوص لم تستشر نقابة المحامين ولا النقابات و لا الأحزاب.
دستورية النظام
بدوره قال أستاذ القانون الإداري بجامعة العلوم الإسلامية العالمية أ. د. حمدي القبيلات "لشييك" بالنسبة لدستورية وقانونية هذا النص فهو بلا شك دستوري وقانوني، إذ أن الوظيفة العامة تُنظم بموجب نظام مستقل وفقا للمادة (120) من الدستور ،ومثل هذا النوع من الأنظمة المستقلة لا يشترط فيها إلا احترام الدستور باعتبارها مستقلة عن القوانين، وحيث أن الدستور لم ينظم مسألة عمل الموظف خارج أوقات الدوام الرسمي أو حتى الوظيفة العامة بشكل عام بنصوص دستورية، وإنما أحال ذلك لمجلس الوزراء ينظم شؤونها بأنظمة يصدرها المجلس، وبالتالي يملك مجلس الوزراء أن يحظر عمل الموظف العام خارج أوقات الدوام الرسمي بصرف النظر عن مبررات ذلك سواء ما تعلق منها بتفرغ الموظف لوظيفته أو الحد من تضارب المصالح أو مكافحة البطالة.
ونوه القبيلات الى أن حظر عمل الموظف خارج أوقات الدوام الرسمي ليس بالجديد، فكل نظم الخدمة المدنية السابقة كانت من حيث الأصل تحظر ذلك ولا تجيزه إلا بشروط تكفل المصلحة العامة، فلا يكون إلا خارج أوقات الدوام الرسمي، وأن لا يرتبط بوظيفة الموظف الأصلية تفاديا لتضارب المصالح، وفوق كل هذا لا يكون إلا بموافقة مسبقة من جهة الإدارة التي لها أن توافق أو ترفض.
وأضاف يمكن القول إن هذا النص دستوري وقانوني من الناحية النظرية، ولكنه قد يخلق صعوبات للموظف العام غير مقبولة من الناحية العملية، وكذلك الحال قد ينعكس سلبا على الإدارة العامة بسبب عزوف ذوي الخبرة والكفاءة عن تولي الوظائف العامة بسبب ما يحيط بها من قيود تفرض على الموظف العام من بينها حظر العمل خارج أوقات الدوام الرسمي.
قيودًا غير مبررة
بدوره قال مدير المركز الوطني لحقوق العمل حمادة أبو نجمة لـ شييك إن منع الموظف من العمل خارج أوقات العمل الرسمي يفرض قيودًا غير مبررة على الموظفين، ولا يصب في اتجاه تحقيق أهدافه في تحفيز الموظفين وتحسين الخدمات الحكومية، كونه يحرم الموظفين خاصة من فئات الدخول المتدنية من فرص تحسين ظروف معيشتهم وتلبية احتياجات أسرهم، ولا يأخذ ذلك بعين الاعتبار، وهذا لا يخدم بأي شكل من الأشكال عملية التطوير الإداري، لأنه سيؤدي إلى عدم رضاهم الوظيفي، ويقلل من دوافعهم للعمل والإبداع، وانخفاض جودة عملهم.
وأشار الى أن أرقام الفقر تشير بأن خط الفقر للأسرة المعيارية المكونة من 4.8 فردا هو 480 دينار وهو رقم يفوق مقدار أجور فئة ليست قليلة من موظفي القطاع العام، رغم أن أرقام الفقر هذه قديمة ومن المتوقع أن خط الفقر قد ارتفع أكثر من ذلك خلال السنوات الماضية.
المواثيق الدولية
تقول اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في دورتها الخامسة والثلاثين والتي عقدت في جنيف ، 7- 25 تشرين الثاني 2005 في البند 3 من جدول الأعمال المؤقت حول الحق في العمل حيث اكدت التزام الدول الأطراف بضمان حق الأفراد في اختيار أو قبول العمل بحرية، بما يشمل حقهم في ألاَّ يحرموا من العمل ظلماً.
ويشدد هذا التعريف على أن احترام المرء ومراعاة كرامته يتجليان من خلال الحرية التي يتمتع بها في اختيار العمل.
و تشدد اللجنة على أن الحق في العمل هو حق شخصي يتمتع به كل فرد وهو في نفس الوقت حق جماعي. ويشمل الحق في العمل جميع أشكال العمل، الحر منه أو المأجور على حد سواء.
وبحسب الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية فأن الدول الأطراف تقر بالحق في العمل، الذي يشمل حق كل فرد في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ التدابير المناسبة لصون هذا الحق.
أما في المادة 6 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فقد نصت على " تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية".
فيما نصت المادة 7 على أن " تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية تكفل على الخصوص:
(أ) مكافأة توفر لجميع العمال، كحد أدنى:
"1" أجر منصفا، ومكافأة متساوية لدى تساوي قيمة العمل دون أي تمييز، على أن يضمن للمرأة خصوصا تمتعها بشروط عمل لا تكون أدنى من تلك التي يتمتع بها الرجل، وتقاضيها أجرا يساوي أجر الرجل لدى تساوي العمل،
"2" عيشا كريما لهم ولأسرهم طبقا لأحكام هذا العهد،
(ب) ظروف عمل تكفل السلامة والصحة،
(ج) تساوى الجميع في فرص الترقية، داخل عملهم، إلى مرتبة أعلى ملائمة، دون إخضاع ذلك إلا لاعتباري الأقدمية والكفاءة،
(د) الاستراحة وأوقات الفراغ، والتحديد المعقول لساعات العمل، والاجازات الدورية المدفوعة الأجر، وكذلك المكافأة عن أيام العطل الرسمية.
أما المادة 8 (د) حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعني.
كما وينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة رقم 23 على أنه " لكلِّ شخص حقُّ العمل، وفي حرِّية اختيار عمله، وفى شروط عمل عادلة ومُرضية، وفي الحماية من البطالة و لجميع الأفراد، دون أيِّ تمييز، الحقُّ في أجٍر متساوٍ على العمل المتساوي كما لكلِّ فرد يعمل حقٌّ في مكافأة عادلة ومُرضية تكفل له ولأسرته عيشةً لائقةً بالكرامة البشرية، وتُستكمَل، عند الاقتضاء، بوسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
تحديث
تراجعت الحكومة الاردنية عن
البند (ي) من المادة 67 التي نصت على منع الموظف من العمل خارج اوقات الدوام
الرسمي حيث أقر رئيس
الوزراء الدكتور بشر الخصاونة بتاريخ 28\7\2024 الأسباب الموجبة لتعديل نظام
الخدمة المدنية بما يسمح لموظفي القطاع العام بالعمل خارج أوقات الدَّوام الرسمي
وفق ضوابط تضمن عدم التأثير على إنتاجية الموظف وعدم تضارب المصالح وضمان الحيادية
في اتخاذ الإذن بالعمل.
إذا، منع الموظف الحكومي من العمل خارج أوقات العمل الرسمي لا يخالف الدستور لكنه قد يخلق صعوبات من الناحية العملية