شييك: مرح يوسف
أثارت مباراة الملاكمة بين اللاعبة الجزائرية إيمان خليف والإيطالية أنجيلا كاريني جدلًا واسعًا حول هوية خليفة الجنسية. جرت المباراة يوم الخميس 1 أغسطس/آب 2024 ضمن منافسات أولمبياد باريس لوزن 66 كيلوغرامًا، وانتهت بعد 46 ثانية فقط إثر ضربة وجهتها خليف لمنافستها، مما دفع كاريني للانسحاب من النزال. تأهلت خليف إثر ذلك إلى الدور ربع النهائي.
ما إن انتشر خبر المباراة حتى بدأ الناس تداوله على نطاق واسع، منقسمين بين مدافع عن إيمان خليف (25 عامًا) ومتهم لها بأنها رجل. هنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا ضجت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بنقل الواقعة وتحليلها هنا وهنا وهنا .
وفق مؤشر شييك لرصد خطاب الكراهية تبين أن الحسابات التي تم اختيارها ضمن العينة العشوائية استخدمت عبارات وكلمات عنصرية تجاه اللاعبة إيمان خليف مثل "" أنها. رجل وتمتلك كروموسوم "X Y ، "أنها رجل يتنكر بزي امرأة""أجبرت على خوض مباراة ضد رجل""متحولة جنسياً""جاهزة لخوض مباراة ضد رجل"
الحقيقة
تتبع فريق "شييك" الواقعة، وتبين أن خليف تم استبعادها العام الماضي من بطولة العالم في نيودلهي بسبب عدم استيفائها معايير الأهلية والجنس، وفقًا لما نُشر في محضر اجتماع الاتحاد الدولي للملاكمة عبر موقعهم الرسمي هنا وهنا
في المقابل، دافعت اللجنة الأولمبية عن إيمان خليف، معتبرة أنها ضحية لقرار تعسفي من قبل الأمين العام للاتحاد الدولي للملاكمة. أكدت اللجنة أن خليف شاركت في بطولات عالمية سابقة كأنثى هنا.
قرار تعسفي
وقالت اللجنة في بيانها "لقد رأينا في التقارير معلومات مضللة حول لاعبتين رياضيتين تتنافسان في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024. كانت اللاعبتان تتنافسان في مسابقات الملاكمة الدولية لسنوات عديدة في فئة السيدات، بما في ذلك دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020، وبطولة العالم للاتحاد الدولي للملاكمة (IBA) والبطولات التي ترعاها "IBA.
وأضاف البيان كانا ضحية لقرار مفاجئ وتعسفي من جانب الاتحاد الدولي للملاكمة. ففي نهاية بطولة العالم للملاكمة لعام 2023، تم استبعادهما فجأة دون أي إجراءات قانونية.
من جانبها، أدلت لاعبة الملاكمة الأيرلندية، وبطلة العالم التي هزمت خليف عام 2022، بتصريحات تضامنية مع اللاعبة الجزائرية نشرتها عبر حسابها على إكس في 31 يوليو/تموز 2024. أشارت إلى أن خليف لم تفعل شيئًا لتغش، وأن بنيتها الجسدية خارجة عن إرادتها.
الجزائر تندد
سارعت الجزائر إلى التنديد بالهجوم على اللاعبة، حيث أصدرت اللجنة الأولمبية والرياضية الجزائرية بيانًا عبر صفحتها على فيسبوك. نشرت فيه بيان اللجنة الأولمبية الدولية الذي أنصف اللاعبة، مؤكدًا عدم وجود قضية تتعلق بعدم أهلية ملاكمات للمشاركة في المنافسات.
البيان الذي شاركته اللجنة الأولمبية الجزائرية جاء بعد نشر اللجنة الأولمبية الدولية لبيانها عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي إكس. وقد تم تداول هذا البيان على نطاق واسع عبر صفحات مختلفة على الإنترنت، مما ساهم في توسيع نطاق النقاش حول القضية.
وشاركت لاعبة الملاكمة إيمان خليف ب بيان اللجنة الأولمبية عبر صفحتها الشخصية على فيسبوك مع تعليق " الحمد لله ،العدالة الإلهية"، وتفاعل مع المنشور أكثر من 12 ألف متابع/ة وما يزيد عن 5 آلاف تعليق.
في تطور لاحق، أعربت اللاعبة الإيطالية انجيلا كاريني عن رغبتها في الاعتذار من خليف عقب الضجة التي حدثت، معبرة عن أسفها لما تم نشره حول منافستها الجزائرية.
الرياضة والكراهية
كشفت قضية إيمان خليف مشكلة خطاب الكراهية والتمييز في الرياضة. فقد تعرضت لموجة من التعليقات المسيئة والكراهية على بنيتها الجسمانية وشكلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يثير تساؤلات جدية حول أخلاقيات الرياضة وحقوق الرياضيين.
من خلال تتبع فريق شييك قضية اللاعبة إيمان خليف تبين أن الطريقة التي تمت بها معاملة اللاعبة كانت لا تندرج تحت سياق حرية التعبير بل وصلت إلى التشكيك في هويتها الجنسية علنًا، ما يعد انتهاكًا صارخًا لكرامتها الشخصية وحقها في الخصوصية.
كما تستدعي قضية خليف إلى مراجعة شاملة للسياسات المتبعة في التعامل مع قضايا الهوية الجنسية في الرياضة، وضرورة تعزيز ثقافة الاحترام والتسامح بين الرياضيين والجماهير على حد سواء.
من المنافسة إلى الكراهية
في تطور مثير للجدل المحيط بقضية إيمان خليف أفادت صحيفة التليجراف البريطانية أن الملاكمة المجرية آنا لوكا هاموري، المنافسة القادمة لخليف في مباراة اليوم السبت 3 أغسطس/آب 2024، نشرت صورة على حسابها في إنستغرام لوحش كارتوني بقرون. هذا المنشور، الذي تم حذفه لا حقًا من حساب هاموري، أثار موجة جديدة من الانتقادات واعتُبر استمرارًا لخطاب الكراهية الموجه ضد الملاكمة الجزائرية. هذا التطور يسلط الضوء مجددًا على حدة الجدل المحيط بقضية خليف وعلى استمرار التحديات التي تواجهها في الساحة الرياضية والإعلامية.
القانون الدولي
غالبًا ما تعاني النساء والفتيات من تمييز معقد ومتقاطع يجعلهن عرضة لدعاية الكراهية. أفاد المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير أن خطاب الكراهية القائم على النوع الإجتماعي والمعلومات المضللة يُستخدمان على نطاق واسع لإسكات النساء لأنه "في العصر الرقمي، غالبًا ما تجبر موجة العنف الإلكتروني وخطاب الكراهية والمعلومات المضللة النساء أن يمارسن الرقابة الذاتية، أو يقيدن ما ينشرن أو يتركن المنصات ".
يزداد خطاب الكراهية القائم على النوع الاجتماعي - كما هو الحال مع جميع أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي - في حالات الطوارئ وأثناء النزاع. ويمكنه حتى التحريض على العنف الجنسي المرتبط بالنزاع والجرائم الوحشية (الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب).
خطة عمل الرباط
تقترح خطة عمل الرباط معايير صارمة لتحديد القيود على حرية التعبير والتحريض على الكراهية وتطبيق المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . وتحدد اختباراً من ستة أجزاء يأخذ في الاعتبار (1) السياق الاجتماعي والسياسي (2) وحالة المتحدث (3) والنية لتحريض الجمهور ضد مجموعة مستهدفة (4) والمحتوى وشكل الخطاب (5) مدى نشر الخطاب (6) وأرجحية الضرر، بما في ذلك الوشوك المحدق .
القانون الدولي وحقوق الإنسان
يشير القانون الدولي لحقوق الانسان بشكلٍ خاص إلى تصنيفات معيّنة من “خطابات الكراهية” الحادة التي يجب على الحكومات منعها. وهذا يشمل الخطاب الذي يروّج بشكلٍ فاعل للكراهية التمييزية بطريقة تحرّض الناس على ارتكاب الأذية بحق المجموعة المستهدفة، لمجرد انتمائهم لهوية معينة. هذا النوع من الأذية قد يأتي على شكل عنف أو تمييز أو أي فعل معادي آخر.
إذا، وفق مؤشر شييك ما يتم تداوله من أن اللاعبة الجزائرية إيمان خليف، رجل وليست امرأة معلومة مضللة، وما تعرضت له من موجة من التعليقات المسيئة والكراهية على بنيتها الجسمانية وشكلها يمثل خطاب كراهية