فريق شييك| الأردن
بعد صدور قرار حزب العمال، بفصل النائب محمد الجراح، من الحزب، فهل هذا القرار يؤثر قانونيًا ودستوريًا على عضويته في مجلس النواب الأردني؟ |
الادعاء
في 20 فبراير 2025، اعترض النائب صالح العرموطي، عضو حزب جبهة العمل الإسلامي، على استمرار النائب محمد الجراح في البرلمان، مدعيًا أن محكمة الحزب فصلته نهائيًا، وبالتالي لا يحق له البقاء تحت قبة البرلمان.
فهل هذا الادعاء صحيح من الناحية الدستورية؟ هنا
ما مدى قانونية استمرار النائب في البرلمان
يؤكد الدكتور ليث نصراوين، أستاذ القانون الدستوري، في الجامعة الأردنية، بتصريح خاص لمنصة "شييك"، أن الفصل من الحزب لا يعني بالضرورة فقدان النائب لمقعده البرلماني تلقائيًا. بل يجب أن يصدر قرار نهائي من المحكمة الإدارية، بدرجتيها الابتدائية والعليا، يؤيد قرار الفصل.
وأوضح نصراوين أن النائب لديه الحق في الطعن بعدم مشروعية قرار الفصل أمام المحكمة الإدارية. فإذا قضت المحكمة بأن قرار الفصل قانوني ومطابق للنظام الأساسي للحزب، حينها تسقط عضويته في مجلس النواب بموجب أحكام الدستور. أما إذا رأت المحكمة أن قرار الفصل غير قانوني، فإنها تلغيه، ويبقى النائب محتفظًا بعضويته.
أما من الناحية السياسية، فيرى نصراوين أن كلاً من النائب والحزب خاسران في هذه القضية، إذ فقد النائب علاقته وانسجامه مع حزبه، فيما خسر الحزب أحد ممثليه داخل المجلس، مما يعكس حالة من عدم التوافق الداخلي.
هل يوجد تعارض بين المادة 58 من قانون الانتخاب والمادة 90 من الدستور الأردني؟
نفى نصراوين وجود أي تعارض بين المادتين، موضحًا أن المادة 58 من قانون الانتخاب لعام 2022 تعالج حالات شغور العضوية في مجلس النواب على مستوى الدائرة الانتخابية العامة، والتي من ضمنها أن يقوم الحزب بفصل أحد اعضائه الذين فازوا في الانتخابات.
المادة 58 من قانون الانتخاب لعام 2022، الفقرة(4)، أنه "إذا استقال النائب الذي فاز عن القائمة الحزبية، من الحزب الذي ينتمي إليه، أو فصل منه بقرار اكتسب الدرجة القطعية، فيتم ملء مقعده من المترشح الذي يليه من القائمة ذاتها التي فاز منها، وإذا تعذر ذلك، يتم ملء المقعد من القائمة التي تليها مباشرة، وضمن الترتيب المنصوص عليه في هذا القانون". |
أما المادة 90 من الدستور، تنظم إجراءات فصل النواب من المجلس بقرار داخلي، حيث لا يجوز فصل أي نائب إلا بقرار يصدر عن المجلس نفسه بأغلبية ثلثي الأعضاء.
المادة 90 من الدستور الأردني، "لا يجوز فصل أحد من عضوية أي من مجلسي الأعيان والنواب إلا بقرار صادر من المجلس الذي هو منتسب إليه، ويشترط فـي غير حالتي عدم الجمع والسقوط المبينتين في هذا الدستور وبقانون الانتخاب أن يصدر قرار الفصل بأكثرية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس وإذا كان الفصل يتعلق بعضو من مجلس الأعيان فيرفع قرار المجلس إلى الملك لإقراره" |
هل يحتاج قرار الفصل إلى تصويت داخل مجلس النواب ؟
يشير نصراوين إلى أنه في حالة النائب محمد الجراح، لا يلزم التصويت داخل مجلس النواب، لأن المحكمة الإدارية هي الجهة المختصة بالبت في مشروعية قرار الفصل.
ولفت إلى أنه بحسب المادة (8/أ) من قانون القضاء الإداري رقم (27) لعام 2014، يحق للنائب الطعن في قرار فصله خلال 60 يومًا من اليوم الثاني من تاريخ تبليغه بالقرار، وإذا لم يطعن خلال هذه المدة، يصبح القرار نهائيًا وكأنه صادر عن المحكمة، ما يؤدي إلى فقدانه عضويته في البرلمان تلقائيًا.
المادة (8/أ) من قانون القضاء الإداري رقم (27) لعام 2014، أنه "مع مراعاة ما ورد في أي قانون آخر، وأحكام الفقرتين (ج) و (د) من هذه المادة، "تقام الدعوى لدى المحكمة الإدارية باستدعاء يقدم إليها خلال ستين يوماً من اليوم التالي لتاريخ تبليغ القرار الإداري المشكو منه للمستدعي أو نشره في الجريدة الرسمية أو بأي وسيلة أخرى بما في ذلك الوسائل الإلكترونية إذا كان التشريع ينص على العمل بالقرار الإداري من ذلك التاريخ أو يقضي بتبليغه لذوي الشأن بتلك الطريقة". |
موقف الهيئة المستقلة للانتخاب
أكدت الهيئة المستقلة للانتخاب في بيان رسمي بتاريخ 20 فبراير/ شباط 2025 أن المحكمة الإدارية هي المختصة بالنظر في الطعون المتعلقة بقرارات الفصل الصادرة عن الأحزاب، وفقًا للمادة (22/ب) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022.
وأوضحت الهيئة في بيانها أن النائب لا يفقد مقعده فور صدور قرار فصله من الحزب، بل يجب أن يصبح القرار نهائيًا إما بفوات مهلة الطعن، أو بتأييده من المحكمة. وفور اكتساب القرار الدرجة القطعية، يصبح المقعد شاغرًا، ويُخطر رئيس مجلس النواب بذلك لتسمية الخلف وفقًا للمادة (58) من قانون الانتخابات.
لماذا تم فصل النائب محمد الجراح من حزب العمال؟
وفقًا لتصريحات الأمين العام لحزب العمال، د. رلى الفرا الحروب، مع إذاعة حسنى اف ام، بتاريخ 4 ديسمبر/كانون الأول 2024 فقد جاء قرار فصل الجراح بعد ورود شكاوى متعددة ضده من أعضاء الحزب ومواطنين، تتعلق بمخالفات للنظام الأساسي للحزب.
وأشارت الحروب إلى أن المخالفات المنسوبة إليه تشمل إفشاء أسرار الحزب، وبث الفتنة بين الأعضاء، والإضرار بوحدته الداخلية، إضافة إلى عدم التزامه باللوائح المالية والسلوكيات المطلوبة من أعضاء البرلمان.
وفي بيان صحفي، نشره حزب العمال على صفحته في منصة "فيسبوك"، في 5 فبراير/ شباط 2025، صرّح نائب الأمين العام للحزب، النائب قاسم القباعي، بأن المخالفات المنسوبة إلى النائب محمد الجراح تشمل إفشاء أسرار الحزب، وبثّ الفتنة بين أعضائه، والإخلال بوحدته التنظيمية، إضافةً إلى نشر شائعات تسيء إلى سمعته وتطعن في قياداته.
وأضاف القباعي أن الجراح خالف التزاماته المالية تجاه الحزب، ولم يلتزم بقراراته وتعليماته وسياساته ومبادئه وقيمه، كما أنه لم يلتزم بقواعد السلوك التي تميز العمل في الخدمة العامة، خصوصًا ما يتعلق بأعضاء البرلمان وأعضاء الأحزاب.
النتيجة
إن الادعاء باستمرار النائب محمد الجراح في البرلمان لا يتوقف على قرار فصله، بل يتطلب حكمًا نهائيًا من المحكمة الإدارية. وفي حال تأييد المحكمة للفصل، يُعتبر مقعده شاغرًا، وحال إلغاء المحكمة للقرار سوف يحتفظ بعضوية المجلس.