قضية علي برو في لبنان: "شييك" يرصد تصاعد خطاب الكراهية والتحريض المتبادل رقميًا

image
صورة مولدة بتقنية ai
خطاب كراهية سياسة 2025-12-09


لبنان

شييك: فاطمة الزهراء رصرص



جدل طائفي في لبنان: رصد فريق "شييك" التفاعلات الرقمية بعد تقرير الصحفي علي برو، وكشف عن خطاب كراهية وتحريض متبادل ساهم في تأجيج الانقسامات.


أثار مراسل قناة المنار علي برو جدلاً واسعاً بنشر فيديو بتاريخ 4 ديسمبر/كانون الأول 2025، يوجه فيه خطاباً عدائياً تجاه "اليمين المسيحي"، مستخدماً عبارات مثل "أزبل عصارة اليمين المسيحي" و"فش يومين حلوين ورانا"، مع وصف حزبي القوات والكتائب بـ"الإسرائيلية" وأنها "أشد عداء من الإسرائيلي". يندرج هذا الخطاب تحت تعريف خطاب الكراهية دولياً كتعبير يحرض على العداء أو التمييز ضد جماعة بناءً على انتمائها الديني أو الطائفي، مع انتهاك ميثاق الشرف الإعلامي اللبناني الذي يحظر إثارة النعرات الطائفية.

في المقطع الذي نشره علي برو على حسابه في منصة "إكس" ذكر عبارات تعزز الكراهية تجاه ما اسماه اليمين المسيحي وحزبي القوات والكتائب مثل: "ما عنا خصوم بالسياسة هول أعداء متل الاسرائيلي" "هول أشد عداء من الإسرائيلي علينا"، "حزب القوات والكتائب الإسرائيلية"، "نحنا أو الخراب"، "رح نلهب البيت بلي فيه ونفل"، "عليي وعلى أعدائي" هنا


إلى أي حد يعيد خطاب علي برو إنتاج الصراع الطائفي والسياسي في لبنان؟



رصد فريق "شييك" في الفترة الممتدة بين 4 و6 ديسمبر/كانون الأول عينة من التغريدات والتفاعلات العشوائية بلغ عددها 25 تغريدة، والتي أظهرت بوضوح كيف يمكن للخطاب المتوتر على المنصات الرقمية أن يساهم في تعميق الخلافات والنزاع الطائفي. فقد ركّزت هذه التغريدات على توجيه انتقادات لاذعة وإساءات مباشرة للصحفي علي برو، ليس فقط اعتراضًا على مضمون خطابه، بل أيضًا عبر استخدام لغة تحقيرية، كما اعتبر البعض أن ما قاله برو يشكّل اثارة للنعرات الطائفية وتهديدًا صريحًا لحزبي القوات والكتائب، الأمر الذي زاد من حدة الغضب، وصولًا إلى إيحاءات بالتحريض والقتل هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا،هنا، هنا، هنا،هنا،هنا هنا، هنا،هنا، هنا، هنا، هنا.

تُظهر العينة تجاوز الانتقاد وتبادل توجيه الاتهامات، إلى الإساءة المتعمدة فقد وردت عبارات تظهر إهانة شخصية، حيث نشر حساب tony3 بتاريخ 5 ديسمبر/كانون الأول منشورًا يقول فيه:  "إنه في دولة وتاركين هيدا الصرماية يهدد علنًا دون حسيب أو رقيب؟" محمِّلًا الدولة مسؤولية محاسبته. 


في منشور آخر، نشر حساب LaftitNazar على منصة "إكس" منشورًا يهاجم فيه الصحفي علي برو، مستخدمًا أوصافًا تحقيرية مثل "القريع" و"المجوي" و"السفالة"، إضافة إلى وصفه بـ"الإرهابي". يبتعد هذا الخطاب عن النقد السياسي أو المهني المشروع، ويتحول إلى اعتداء شخصي مباشر يندرج ضمن خطاب إهانة وتشويه سمعة


ويُظهر منشور رئيسة مكتب اللقاءات الإلكترونية في جهاز تنشئة القوات اللبنانية Jossy.H.KH  اتجاهاً تصعيدياً في الخطاب المضاد، إذ وصفت علي برو بـ"المنحط" وطرحت تساؤلات عن سبب عدم توقيفه ومحاسبته. يعكس هذا المنشور انتقال النقاش من نقد محتوى الفيديو إلى استهداف الشخص نفسه، ما يُسهم في توسيع دائرة التوتر الطائفي.



كما نشر حساب Mia تغريدة تهاجم فيها علي برو مستخدمة عبارات مهينة مثل "ابن الكلب" و"ابن المتعة"، وهي ألفاظ تحمل طابعًا تحقيريًا و واضحًا، وتتجاوز النقد السياسي إلى الإهانة الشخصية المباشرة. ويُلاحظ في هذا الخطاب نمط تصعيد يقوم على الشتائم المرتبطة بالهوية والانتماء، ما يعزز بيئة عدائية وطائفية على المنصات الرقمية.



في المقابل، برز اتجاه آخر من التفاعلات يبرّر الفيديو الذي نشره الصحفي علي برو، معتبرًا أنه يندرج ضمن إطار الدفاع عن الطائفة الشيعية في ظل شعور متصاعد بالاستهداف السياسي والطائفي. ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن برو عبّر عمّا يعتبرونه "حقيقة" الصراع مع الأحزاب المسيحية اليمينية، مؤكدين طرحه بأن حزب الله لن يغادر لبنان، بينما ستتراجع – وفق وصفهم – الأحزاب الأخرى التي يتهمونها بـ"العمالة" و"الخضوع". هنا،هنا،هنا.

فقد نشر حساب الأشتر على منصة "إكس" منشورًا يؤيد فيه الصحفي علي برو ويدعمه نشاطاته قائلًا: "بموضوع علي برو لما عصارة الزبالة ببلدنا تبطّل تطاول علينا وعلى معتقداتنا وعلى سيدنا وعلى الشهداء وتبطل تبرر قتلنا من هلأ لوقتها بدل علي برو واحد لازم يكون في ٥٠٠٠ علي برو".
يظهر المنشور نزعة تعبئة واضحة عبر الدعوة لوجود الكثير من أمثال علي برو، في إشارة إلى تكثير الأصوات التحريضية وتعزيز الانتهاكات. هذا النوع من الخطاب يوسّع الخلافات السياسية إلى معركة هوياتية طائفية، ويحوّلها إلى صراع وجودي يُشرعن استمرار موجات الكراهية.


فيما أكد حساب Abir Khalil عبر منشور على منصة "إكس" بتاريخ 5 ديسمبر/كانون الأول أن الصحفي علي برو يتحدث بلسان حالها وتحييه على شجاعته في الحديث عن اليمين المتطرف الذي وصفته "بالعمالة والخنوع". هذا النوع من التغريدات يعزز الانقسام الطائفي والسياسي  مما يساهم في تأجيج التوتر بين المجموعات الطائفية ويشرعن خطاب الكراهية ضد الطرف الآخر.



التفاعلات الرقمية 

تُظهر متابعة التفاعلات الرقمية حول حادثة نشر الصحفي علي برو فيديو بتاريخ 4 ديسمبر/كانون الأول 2025 انتشارًا واسعًا لعبارات تحمل ملامح خطاب كراهية، تميزت باستخدام أوصاف تحقيرية واتهامات عدائية تجاه  ما اسماه "اليمين المسيحي" وحزبي القوات والكتائب، مع تبادل متصاعد للإساءات والتحريض بين أنصار حزب الله وأنصار حزبي القوات والكتائب، حيث استخدم الطرفان لغة تحقيرية وعبروا بوضوح عن العداء الطائفي والسياسي.

يُعرض في الجدول التالي عينة من الكلمات والتعابير المتداولة في المنشورات التي تم رصدها عبر منصة "إكس"، إلى جانب دلالاتها وأنواع الخطاب التي تعكسها استنادًا إلى تصنيف "شييك" لمؤشر خطاب الكراهية.



الكلمات

الدلالات 

التصنيف

أوسخ لسان حال الثنائي الشيعي

علي برو التابع للمحور الإيراني الإرهابي

أزبل عصارة حزب الإرهاب الشيعي

تحريض طائفي وسياسي، لربط الأفراد أو الجماعات بانتماءات سياسية أو طائفية بطريقة سلبية.

تحريض

ابن المتعة

ابن الكلب

هيدا القرد

الحثالة

القريع

المجوي

السفالة والجلاغة

تحمل هذه الألفاظ طابعًا تحقيريًا وشتمًا شخصيًا يهدف إلى الإساءة

إساءة/تحقير

تهديد ميلشياوي

منطق مشوه

اليمين المتطرف

حد العمالة والخنوع

بسينات قدام الإسرائيلي

يا عملاء

تمثل هذه الألفاظ أدوات تحريض سياسي وطائفي، لتصوير مجموعات كخصوم، ما يبرر العداء ضدهم ويشوّه هويتهم الوطنية والسياسية.

تحريض

علي برو ديك المزابل

عصارة مزبلة نهر الغدير

عصارة الزبالة ببلدنا

تلحوس صرامي كل حد ضدنا

تحمل هذه العبارات طابعًا تحقيريًا وتحريضيًا حادًا بإهانة شديدة ومباشرة، وتحمل مشاعر عداء وكراهية شخصية وطائفية.

تحقير وتحريض



تحليل #الوسوم     

من خلال تتبع المنشورات والتفاعلات على منصة "إكس" في الفترة بين 5-7 ديسمبر/كانون الأول، تبيّن لفريق "شييك" استخدام وسمي #حزب_الارهاب_المنحط و #حزب_النيع_الألوق تصدرا الحملة الرقمية ما يعكس استخدام الوسوم المسيئة كأداة لتحشيد الرأي العام الرقمي وتأجيج الكراهية الطائفية والسياسية.


وسم #حزب_الارهاب_المنحط

حسب تحليلات أداة Tweet Binder، سجّل وسم #حزب_الارهاب_المنحط 77 تغريدة، حيث يظهر التقرير أن 92.21% من المنشورات كانت بإعادة النشر (Retweet)، وحققت هذه التغريدات 11.795 انطباعًا فعليًا، كما شارك في نشرها 74 حسابًا، بينما بلغ الوصول المحتمل 228.911 مستخدمًا، وسجلت الانطباعات المحتملة 229.439، محقِقة قيمة اقتصادية تُقدَّر بنحو 465.41 دولارًا أميركيًا.


وسم #حزب_النيع_الألوق 

انتشر وسم #حزب_النيع_الألوق في الفترة بين 5-7 ديسمبر/كانون الأول بشكل أقل حيث سجّل 46 منشورًا، ويشير إلى أن أغلب المنشورات كانت إعادة نشر (Retweet) بنسبة 93.48%.

وقد حققت المنشورات 9.241 انطباعًا فعليًا، وقام 46 مساهمًا بمشاركة هذه المنشورات، ينما بلغ الوصول المحتمل 84.043 مستخدمًا، محقِقة قيمة اقتصادية تُقدَّر بنحو 155.53 دولارًا أميركيًا.



 مساءلة الجهات الرسمية

أثارت منشورات متعددة على منصة "إكس" تساؤلات جدية حول دور الجهات الرسمية اللبنانية في محاسبة الصحفي علي برو بعد نشره فيديو يحتوي على خطاب طائفي، واعتبرت هذه المنشورات أن علي برو ليس حالة فردية، بل جزء من بيئة إعلامية كاملة تعتمد التحريض كأداة منهجية، في سياق يُنظر إليه على أنه امتداد لسياسات حزب الله التي أسهمت في خلق "منطقة الكراهية والتهديد".

ووصف ناشطون خطاب برو بأنه تمرد علني على الدولة، معتبرين أن عدم اتخاذ إجراءات قانونية ضده يُرسل رسالة مفادها أن بعض الأطراف فوق القانون والسلطة. وطالب هؤلاء المشاركون الدولة اللبنانية بسرعة توقيف برو، معتبرين أن هذه الخطوة ضرورية لحفظ السلم الأهلي وتطبيق مضمون خطاب القسم والبيان الحكومي، ولمنع استشراء خطاب الكراهية والتحريض على العنف ضمن الفضاء العام الرقمي. هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا.

أشارت المنشورات بشكل مباشر إلى الحسابات الرسمية، بما في ذلك الرئاسة اللبنانية، رئاسة مجلس الوزراء، الجيش اللبناني، قوى الأمن الداخلي، ورئيس الحكومة نواف سلام، مطالبة باتخاذ إجراءات عاجلة وحازمة ضده. يعكس هذا التوجه رغبة الناشطين في تحريك المسؤولية الرسمية ومساءلة الدولة عن حماية السلم الأهلي. كما يشير هذا الاستخدام المباشر للحسابات الرسمية إلى توظيف منصات التواصل كأداة ضغط شعبي، حيث يسعى الجمهور لتفعيل الرقابة المجتمعية وتحميل السلطات مسؤولية ضبط الانتهاكات الطائفية والسياسية.


ساحة للتحريض 

يشكل النزاع الطائفي والسياسي في لبنان أرضية لفهم الانقسامات الحالية، حيث تحوّل الانتماء الديني تاريخيًا إلى معيار للتنافس على السلطة والمناصب بين المسيحيين والشيعة، ما يجعل الخطاب السياسي أداة للتحريض وتعميق الانقسامات الطائفية، ولا يقتصر على المناوشات الكلامية بل يمتد إلى الفضاء الرقمي. ويتضح ذلك من خلال مقطع نشره الصحفي علي برو على منصة "إكس"، الذي اعتمد في خطابه التحريضي على تصريحات لمسؤولين في حزب القوات اللبنانية والكتائب، حيث صوّر تصريحاتهم حول حزب الله كدعوة لإيذاء الشيعة، فعمل الفيديو على تضخيم الإحساس بالاستهداف وتأجيج التوترات الطائفية، مستغلاً الانتماء الديني لتبرير التحريض وتصعيد العداء بين الأطراف.

وبتحليل المقطع الذي نشره الصحفي علي برو على حسابه على منصة "إكس" يتبين أنه بنى خطابه التحريضي اعتمادًا على تصريح رئيس جهاز الإعلام في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور خلال مقابلته على قناة MTV في برنامج صار الوقت، والتي ذكر فيها "نحن مشكلتنا ليست مع إسرائيل نحن مشكلتنا مع حزب اسمه حزب الله"، وتصريح رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل الذي نُشر على صفحة موقع اللبنانية  "حزب الله ما رح يقدر يظل يكابر، إما يقبل بشروط الدولة أو رح يعرض حاله ولبنان لضربة ولكن بعد هاي الضربة إذا صارت ممكن نعيش يومين متل الخلق".

المخالفات المهنية

يشكل خطاب علي برو والتفاعلات المرافقة لهذه القضية والإساءات المتبادلة بين مؤيدي حزب الله ومؤيدي حزبي القوات والكتائب مخالفة صريحة للمادة الثانية من مواد ميثاق الشرف الإعلامي التي تنص على "التزام العمل على تأكيد الوحدة الوطنية والعيش المشترك، والتزام احترام الاديان وعدم اثارة النعرات المذهبية أو الطائفية أو التحريض على العصيان العنفي أو ارتكاب الجرائم، والامتناع عن عبارات التحقير".

وحسب المادة 317 من القانون اللبناني فإن "كل عمل وكل كتابة وكل خطاب يقصد منها أو ينتج عنها اثارة النعرات المذهبية أو العنصرية او الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة يعاقب عليه بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات و بالغرامة من خمسين إلى أربعمائة ليرة وكذلك بالمنع من ممارسة الحقوق المذكورة في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة ال65 ويمكن للمحكمة أن تقضي بنشر الحكم". 


النتيجة

أظهر التقرير أن خطاب الصحفي علي برو وتفاعلات الجمهور تجاهه أثارت جدلاً طائفياً، ورصد فريق "شييك" تفاعلات رقمية تضمنت خطاب كراهية وتحريضاً متبادلاً وأسهمت في تأجيج الانقسامات بين الطرفين.