تحطيم صليب الدورة: تقرير لـ «شييك» يرصد تصاعد خطاب الكراهية والتحريض الطائفي

image
صورة من الفيديو المتداول
خطاب كراهية سياسة 2025-12-18


شييك 

لبنان : ميرا عيسى 


تقرير «شييك» يكشف تصاعد خطاب الكراهية بعد حادثة صليب الدورة؛ 140 تغريدة و40 ألف انطباع، 70% منها تحريض طائفي يخالف القانون اللبناني وميثاق الشرف الإعلامي


انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 16 ديسمبر 2025 فيديو يُظهر قيام مجهولين بتحطيم صليب في منطقة الدورة قرب مستشفى مار يوسف في لبنان، بحجة بث تراتيل ميلادية. هذه الحادثة التي تبدو فردية سرعان ما تحولت إلى موجة من خطاب الكراهية على المنصات الرقمية، ما أسهم في تأجيج التوتر وتعميق الانقسامات داخل النسيج الاجتماعي اللبناني المتعدد.

فكيف تحولت حادثة تحطيم صليب في منطقة الدورة إلى حملة خطاب كراهية رقمية؟

لغة الانقسام في الشارع الرقمي


في هذا التقرير، رصدت مُعدّة التقرير عيّنة عشوائية من المحتوى المتداول بتاريخ 16 ديسمبر/كانون الأول 2025، أظهرت استخدام لغة كراهية وتحريض موجّهة ضد فئات دينية محددة. وعكست هذه اللغة انقسامًا حادًا في الخطاب الرقمي، إذ جرى توظيف الحادثة خارج سياقها لتعميم الاتهامات وتشويه جماعي وربط سلوك فردي بهويات دينية كاملة. وأسهم هذا النمط من الخطاب في تأجيج التوترات الطائفية وتصعيد الصراعات الاجتماعية، عبر إعادة إنتاج سرديات إقصائية تعمّق الاستقطاب وتهدد السلم الأهلي في الفضاء الرقمي اللبناني. هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا،  هنا، هنا 







تضمنت التغريدات المتداولة على إكس عبارات تحريضية مثل: "مين بيحمي الشرقية"، "وينكن يا كلاب؟"، "نشالله بينكسر قلبكن يا دواعش"، "الأمة المريضة"، "هذا من عمل السوريين الداعشية تفه يتكسروا ايديكم تفه"، و"واضح انو في تطرف إسلامي إرهابي في البلد". هذه التعبيرات تتهم فئات محددة بالإرهاب دون أدلة، مما يعكس حملة كراهية رقمية تهدف إلى تصعيد التوترات الطائفية وتحويل حادثة فردية إلى اتهام جماعي يغذي الانقسامات الاجتماعية. ويؤدي انتشارها السريع إلى تشكيل رأي عام مشحون، يعمق الاستقطاب ويضعف التماسك الاجتماعي في لبنان.




الإعلام يحرض 


أعادت بعض الحسابات على إكس ووسائل الإعلام نشر خبر تحطيم صليب المسيح في منطقة الدورة قرب مستشفى مار يوسف، لكن بأسلوب يوحي بأن الهدف ليس الإضاءة على خطورة الاعتداء بحد ذاته، بل استثماره سياسياً للتحريض وبث مشاعر الكراهية ضد فئات محددة مثل "السوريين" أو "التطرف الإسلامي"، هذا النهج الإعلامي يحول تغطية إخبارية موضوعية إلى أداة لتأجيج الاستقطاب الطائفي، حيث يركز على تعزيز السرديات المتطرفة بدلاً من الدعوة للتحقيق الرسمي والحوار البناء، مما يعمق الانقسامات في النسيج الاجتماعي اللبناني الهش ويغذي حملات الكراهية الرقمية هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا 


يظهر هذا النمط المتكرر في بعض الوسائل الإعلامية اللبنانية تحولاً من الصحافة الإخبارية إلى الدعاية الرقمية، حيث تستغل المنصات خوارزمياتها لنشر المحتوى العاطفي الذي يجذب التفاعل. مما يغذي حملات الكراهية ويضعف الثقة بين الجمهور ومؤسسات الدولة .




دلالات الكلمات المستخدمة 


يبين هذا الجدول  وفق "مؤشر شييك" الدلالات الخطابية للكلمات والعبارات المتداولة على إكس ومنصات التواصل، موضحًا كيف تحولت إلى أدوات تحريض مباشر ضد فئات محددة من خلال شيطنتها وتجريدها من الإنسانية. يكشف الجدول كيف قاد هذا الخطاب -القائم على التعميم واللغة العنصرية والنعوت المهينة- إلى تعميق الانقسام الطائفي في المجتمع اللبناني



الكلمات 

الدلالات 

جماعة "مين بيحمي الشرقية"، وينكن يا كلاب؟

يعزز التعميم والتحريض على "الحماية الذاتية".

نشالله بينكسر قلبكن يا دواعش/ اجري بالدواعش 

اتهام فئة بالإرهاب دون أي دليل مع الاستهداف الطائفي واللغة المهينة. 

هذا من عمل السوريين الداعشية تفه يتكسروا ايديكم تفه

تعميم عرقي-عنصري على السوريين، مع لغة مهينة "تفه" وتحريض عنيف "يتكسروا ايديكم" للانتقام الجسدي.

واضح انو في تطرف اسلامي ارهابي في البلد

تعميم يتهم الإسلام كله بالإرهاب، يستهدف ديناً بأكمله دون دليل، مشعل الخوف الطائفي.

ما جرى في الدورة ليس إشكالًا بل إرهاب ديني صريح

إعادة تصنيف الحادث كـ"إرهاب إسلامي"، تعميم يبرر الرد العنيف بالاستهداف الديني.

اي «عيش مشترك» يُبنى على إرهاب الرموز والحريات؟

سخرية تحريضية من العيش المشترك  تربط المسلمين بالإرهاب، مع التعميم على مفهوم التعايش.

هيدي نتائج العيش المشترك

تعميم يلوم التعايش و يحول الحادث إلى دليل على فشل الانسجام الطائفي.

اكيد مش ادمي اكيد ابن حرام مصفه نطلب من القوى الامنية بسرعه اعتقال الفاعل العكروت المفعول به

لغة مهينة جنسية "ابن حرام مصفه، العكروت المفعول به" تذل الجاني، مع استهداف عرقي وتحريض على اعتقال فوري.

الأمة المريضة 

تعميم مهين يصور الأمة الإسلامية كـ"مريضة"، يشيطن هوية دينية كاملة باللغة المهينة.




#مار_يوسف: تحليل الانتشار الرقمي  


قامت معدة التقرير باستخدام أداة Tweet Binder لتتبع وتحليل هاشتاغ #مار_يوسف الذي شهد يوم 16 ديسمبر 2025 انتشاراً لافتاً على منصة "إكس"، حيث بلغ إجمالي المنشورات 140 تغريدة محققة 40,021 انطباعاً (مشاهدة). يكشف هذا الحجم الكبير من الانطباعات مقارنة بعدد المنشورات المحدود (بمعدل 476 انطباعاً لكل تغريدة) عن استغلال ممنهج للحادثة الفردية وتضخيمها إعلامياً، مما يحول اعتداءً محلياً إلى قضية وطنية مشحونة طائفياً. بلغت القيمة الاقتصادية الإجمالية للتغريدات 65,307 دولاراً (بمعدل 466 دولاراً لكل تغريدة و544 دولاراً لكل مستخدم)، مما يعكس تصميماً استراتيجياً للمحتوى لتحقيق أقصى انتشار وتأثير عاطفي  كما تظهر الصورة المرفقة .










ذروة الانتشار  

يُظهر الرسم البياني الزمني لنشاط #مار_يوسف قفزة دراماتيكية بنسبة 600% من أقل من 10 تغريدات يومياً إلى 60 تغريدة في ذروة واحدة، مما يؤكد تضخيماً منظماً وليس نمواً عضوياً للحادثة. هذا التسارع يفسر تفوق خطاب الكراهية على المعلومات الموثقة بـ6 أضعاف؛ فالمحتوى الطائفي المشحون يُحفّز تفاعلات فورية تشهد مشاركة جماعية واسعة بفضل الخوارزميات، بينما تحتاج الحقائق وقت للتحقق.  ما يجعل دافع الخوف من "الآخر" والتهديد الوجودي يُفعّل الغرائز الدفاعية الجماعية، مما يُسرّع نشر التحريض دون تدقيق ويعزز الاستقطاب الرقمي بسرعة خاطفة.






الفاعلون الأساسيون وإعادة إنتاج الصور النمطية


تكشف بيانات المساهمين دور الحسابات الإعلامية كأكثر الجهات نشاطاً، حيث تصدر "lebanon file" بـ3 تغريدات أصلية، و"Chadi82056388" بـ3 إعادات نشر، و"قناة الجديد" بتغريدة واحدة، إلى جانب "elsiysasa". هذا التركيز الإعلامي يكشف آلية إعادة إنتاج الصور النمطية من خلال تأطير الحادثة ضمن صراع هوياتي بين "نحن" و"هم"، بدلاً من معالجتها كجريمة فردية، مما يحول تغطية إخبارية إلى أداة تضخيم طائفي يغذي الخوف الجماعي و يعمق الانقسامات الاجتماعية عبر تعزيز السردية الطائفية المتطرفة. هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا 




الخوف في الخطاب الرقمي اللبناني


تشير بيانات التحليل سيطرة الخوف والهوية على ردود الفعل الرقمية حول تحطيم الصليب، مع درجة مشاعر 85.91 تشير إلى انفعال جماعي حاد (61 تغريدة "إيجابية" مقابل 19 "سلبية"). ما يُصنّف "إيجابياً" هو في الحقيقة تعبير عن تضامن عدواني دفاعي يحمي الهوية الطائفية، إذ يحوّل مخاوف "الآخر" إلى حملة تحريضية تصور الاعتداء كخطر وجودي على الهوية المسيحية بدلاً من جريمة عادية، مما يحرّك آليات دفاع جماعي تُسرّع مشاركة المحتوى المُشحّن دون تدقيق







الهاشتاغات واللغة المستخدمة


تُبرز البيانات التي تبينها أداة Tweet Binder استراتيجية لغوية مزدوجة حيث يتصدر #لبنان (13) و#الدورة (7) كمرحلة "التموضع المحلي"، تليها #دواعش (6) مع #اجري_بالدواعش و#اجري_بالرفاق (4 لكل) كمرحلة "الشيطنة والتحريض"، و#بيروت (4) لـ"التوسع الوطني". هيمنة 70% من التفاعلات على مصطلحات طائفية تحريضية تكشف تسلسلاً تحويلياً: ربط الحادثة بالهوية الجغرافية أولاً، ثم تجريم "الآخر" لغوياً، مما يُنتج ديناميكية "الدفاع الجماعي" تحول جريمة فردية إلى أزمة هوياتية جماعية تُسرّع الاستقطاب عبر تفعيل الغرائز الطائفية.




المخالفة المهنية 


يُشكل التحريض الرقمي في حملة تحطيم الصليب انتهاكاً متعدد الأبعاد لميثاق الشرف الإعلامي (المادة 2) الذي يمنع إثارة النعرات الطائفية والإهانات الدينية، ولإرشادات "إكس"، وللمادة 317 من قانون العقوبات اللبناني : "كل عمل وكل كتابة وكل خطاب يقصد منها أو ينتج عنها إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحث على النزاع بين الطوائف... يُعاقب بالحبس من سنة إلى 3 سنوات وغرامة 100,000-800,000 ليرة". هذا الانتهاك الهرمي يكشف تنسيقاً إعلامياً مثيراً  ، يُحوّل جريمة فردية إلى أداة نزاع طائفي.



خطة عمل الرباط 


تُلزم خطة عمل الرباط  مواجهة خطاب الكراهية ومحاسبة الإعلام الذي يدفع نحو التمييز، مستندة إلى التشريعات المحلية والمعايير العالمية لحقوق الإنسان. توفر الخطة إطاراً دقيقاً لرسم خطوط حرية التعبير مقابل التحريض، عبر اختبار سداسي يقيم السياق السياسي-اجتماعي، والقصد، والجوهر، والانتشار، واحتمالية الإضرار، مما يفصل بين التعبير المشروع والكراهية الممنوعة. 



النتيجة


أظهر تحليل شييك لحادثة تكسير الصليب في الدورة حملة كراهية رقمية منظمة حولت اعتداءً فردياً إلى أزمة طائفية تأجج الانقسام المجتمعي.